للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خائفين وجلين من وعيده. فسمع بذلك دانيال وهو في سجنه. فقال للسجان: اذهب اليه فقل له إن هاهنا رجلا عنده علم رؤياك وتأويلها. فذهب اليه فأعلمه فطلبه، فلما دخل عليه لم يسجد له.

فقال له ما منعك من السجود لي؟ فقال: إن الله آتاني علما وعلمني وأمرنى أن لا أسجد لغيره. فقال له بخت نصّر إني أحب الذين يوفون لأربابهم بالعهود. فأخبرني عن رؤياي. قال له دانيال: رأيت صنما عظيما رجلاه في الأرض ورأسه في السماء، أعلاه من ذهب ووسطه من فضة، وأسفله من نحاس، وساقاه من حديد، ورجلاه من فخار، فبينا أنت تنظر اليه قد أعجبك حسنه وإحكام صنعته قذفه الله بحجر من السماء. فوقع على قمة رأسه حتى طحنه واختلط ذهبه وفضته ونحاسه وحديدة وفخاره حتى تخيل لك أنه لو اجتمع الانس والجن على أن يميزوا بعضه من بعض لم يقدروا على ذلك. ونظرت إلى الحجر الّذي قذف به يربو ويعظم وينتشر حتى ملأ الأرض كلها فصرت لا ترى الا الحجر والسماء.

فقال له بخت نصّر صدقت هذه الرؤيا التي رأيتها فما تأويلها؟ فقال دانيال أما الصنم فأمم مختلفة في أول الزمان وفي وسطه وفي آخره، وأما الحجر الّذي قذف به الصنم فدين يقذف الله به هذه الأمم في آخر الزمان فيظهره عليها فيبعث الله نبيا أميا من العرب فيدوخ به الأمم والأديان كما رأيت الحجر دوخ أصناف الصنم ويظهر على الأديان والأمم كما رأيت الحجر ظهر على الأرض كلها، فيمحص الله به الحق ويزهق به الباطل ويهدى به أهل الضلالة ويعلم به الأميين ويقوى به الضعفة ويعز به الاذلة وينصر به المستضعفين. وذكر تمام القصة في اطلاق بخت نصّر بنى إسرائيل على يدي دانيال ، وذكر الواقدي بأسانيده عن المغيرة بن شعبة في قصة وفوده على المقوقس ملك الاسكندرية وسؤاله له عن صفات رسول الله قريبا من سؤال هرقل لأبي سفيان صخر بن حرب، وذكر أنه سأل اساقفة النصارى في الكنائس عن صفة رسول الله وأخبروه عن ذلك وهي قصة طويلة ذكرها الحافظ أبو نعيم في الدلائل. وثبت

في الصحيح أن رسول الله مرّ بمدارس اليهود فقال لهم «يا معشر اليهود أسلموا فو الّذي نفسي بيده إنكم لتجدون صفتي في كتبكم» الحديث. وقال الامام أحمد: حدثنا موسى بن داود حدثنا فليح بن سليمان عن هلال بن على عن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت أخبرنى عن صفات رسول الله في التوراة فقال أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن، يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للاميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل لافظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيموا الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا. ورواه البخاري عن محمد بن سنان العوفيّ عن فليح به. ورواه أيضا عن عبد الله - قيل ابن رجاء، وقيل ابن صالح - عن عبد العزيز بن أبى سلمة عن هلال بن علوية ولفظه قريب

<<  <  ج: ص:  >  >>