للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فأسلمت وبايعته. وأخبرناه بما سمعنا فقال: «ذاك من كلام الجن». ثم قال: «يا معشر العرب إني رسول الله إليكم وإلى الأنام كافة، أدعوهم إلى عبادة الله وحده، وإني رسوله وعبده، وأن تحجوا البيت وتصوموا شهرا من اثني عشر شهرا وهو شهر رمضان، فمن أجابني فله الجنة نزلا، ومن عصاني كانت النار له منقلبا». قال فأسلمنا وعقد لنا لواء. وكتب لنا كتابا نسخته: «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله لزمل بن عمرو ومن أسلم معه خاصة إني بعثته إلى قومه عامدا فمن أسلم ففي حزب الله ورسوله. ومن أبى فله أمان شهرين. شهد على بن أبى طالب ومحمد بن مسلمة الأنصاري» ثم قال ابن عساكر: غريب جدا.

وقال سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في مغازية: حدثني محمد بن سعيد - يعنى عمه -. قال قال محمد بن المنكدر إنه ذكر لي عن ابن عباس قال هتف هاتف من الجن على أبى قبيس فقال:

قبح الله رأيكم آل فهر … ما أدق العقول والافهام

حين تعصى لمن يعيب عليها … دين آبائها الحماة الكرام

حالف الجن جن بصرى عليكم … ورجال (١) النخيل والآطام

يوشك الخيل أن تردها تهادى … تقتل القوم في حرام بهام

هل كريم منكم له نفس حر … ماجد الوالدين والأعمام

ضارب ضربة تكون نكالا … ورواحا من كربة واغتمام

قال ابن عباس فأصبح هذا الشعر حديثا لأهل مكة يتناشدونه بينهم. فقال رسول الله : «هذا شيطان يكلم الناس في الأوثان يقال له مسعر، والله مخزيه» فمكثوا ثلاثة أيام فإذا هاتف يهتف على الجبل يقول:

نحن قتلنا في ثلاث مسعرا … إذ سفه الجن وسن المنكرا

قنعته سيفا حساما مشهرا … بشتمه نبينا المطهرا

فقال رسول الله : «هذا عفريت من الجن اسمه سمج آمن بى سميته عبد الله أخبرنى أنه في طلبه ثلاثة أيام» فقال على جزاه الله خيرا يا رسول الله.

وقد روى الحافظ أبو نعيم في الدلائل قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن بن موسى بن أبى حرب الصفار حدثنا عباس بن الفرج الرياشي حدثنا سليمان بن عبد العزيز بن أبى ثابت عن أبيه عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس عن سعد بن عبادة قال: بعثني رسول الله الى حضر موت في حاجة قبل الهجرة، حتى إذا كنت في بعض الطريق ساعة من الليل فسمعت هاتفا يقول:


(١) أصلحنا هذه الأبيات من السيرة الشامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>