تولوا واردين الى المنايا … حياضا ليس منهلها الورود
مضوا لسبيلهم وبقيت خلفا … وحيدا ليس يسعفنى وحيد
سدى لا أستطيع علاج أمر … إذا ما عالج الطفل الوليد
فلأيا ما بقيت الى أناس … وقد باتت بمهلكها ثمود
وعاد والقرون بذي شعوب … سراء كلهم إرم حصيد
قال ثم صاح به آخر: يا خرعب ذهب بك العجب. ان العجب كل العجب بين زهرة ويثرب.
قال وما ذاك يا شاحب؟ قال نبي السلام، بعث بخير الكلام الى جميع الأنام، فاخرج من البلد الحرام الى نخيل وآطام. قال ما هذا النبي المرسل والكتاب المنزل، والأمي المفضل؟ قال رجل من ولد لؤيّ ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. قال هيهات فات عن هذا سنى، وذهب عنه زمنى لقد رأيتني والنضر بن كنانة نرمي غرضا واحدا، ونشرب حلبا باردا، ولقد خرجت به من دوحة في غداة شبمة وطلع مع الشمس وغرب معها، يروى ما يسمع ويثبت ما يبصر. ولئن كان هذا من ولده لقد سل السيف وذهب الخوف، ودحض الزنا، وهلك الربا. قال فأخبرني ما يكون؟ قال ذهبت الضراء والبؤس والمجاعة، والشدة والشجاعة، الا بقية في خزاعة. وذهبت الضراء والبؤس، والخلق المنفوس الا بقية من الخزرج والأوس. وذهبت الخيلاء والفخر، والنميمة والغدر، إلا بقية في بنى بكر. يعنى ابن هوازن. وذهب الفعل المندم والعمل المؤثم، إلا بقية في خثعم. قال أخبرنى ما يكون؟ قال إذا غلبت البرة، وكظمت الحرة، فاخرج من بلاد الهجرة، وإذا كف السلام، وقطعت الأرحام فاخرج من البلد الحرام. قال أخبرنى ما يكون؟ قال لولا أذن تسمع، وعين تلمع لأخبرتك بما تفزع. ثم قال:
لا منام هدأته بنعيم … يا ابن غوط ولا صباح أتانا
قال ثم صرصر صرصرة كأنها صرصرة حبلى، فذهب الفجر فذهبت لا نظر فإذا عظاية وثعبان ميتان. قال فما علمت أن رسول الله ﷺ هاجر الى المدينة إلا بهذا الحديث. ثم رواه عن محمد بن جعفر عن إبراهيم بن على عن النضر بن سلمة عن حسان بن عبادة بن موسى عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر عن ابن عباس عن سعد بن عبادة. قال: لما بايعنا رسول الله ﷺ ليلة العقبة خرجت الى حضرموت لبعض الحاج، قال فقضيت حاجتي ثم أقبلت حتى إذا كنت ببعض الطريق نمت، ففزعت من الليل بصائح يقول: