للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهدت بأن الله حق وأننى … لآلهة الأحجار أول تارك

فشمرت عن ساقى إزار مهاجر … إليك أدب الغور بعد الدكادك

لأصحب خير الناس نفسا ووالدا … رسول مليك الناس فوق الحبائك

فقال النبي : «مرحبا بك يا عمرو بن مرة». فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمى ابعث بى الى قومي، لعل الله أن يمن بى عليهم كما من بك على، فبعثني اليهم وقال: «عليك بالقول السديد ولا تكن فظا ولا متكبرا ولا حسودا» فأتيت قومي فقلت لهم: يا بنى رفاعة ثم يا بنى جهينة إني رسول من رسول الله إليكم أدعوكم إلى الجنة، وأحذركم النار، وآمركم بحقن الدماء، وصلة الأرحام، وعبادة الله، ورفض الأصنام، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، شهر من اثني عشر شهرا. فمن أجاب فله الجنة. ومن عصى فله النار. يا معشر جهينة إن الله - وله الحمد - جعلكم خيار من أنتم منه وبغض إليكم في جاهليتكم ما حبب إلى غيركم من الرفث، لأنهم كانوا يجمعون بين الأختين، ويخلف الرجل على امرأة أبيه، والترات في الشهر الحرام. فأجيبوا هذا النبي المرسل من بنى لؤيّ بن غالب.

تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة، سارعوا سارعوا في ذلك يكون لكم فضيلة عند الله. فأجابوا إلا رجلا منهم قام فقال: يا عمرو بن مرة أمر الله عليك عيشك، أتأمرنا أن نرفض آلهتنا ونفرق جماعتنا بمخالفة دين آبائنا إلى ما يدعو هذا القرشي من أهل تهامة؟ لا ولا مرحبا ولا كرامة، ثم أنشأ يقول:

إن ابن مرة قد أتى بمقالة … ليست مقالة من يريد صلاحا

إني لأحسب قوله وفعاله … يوما وإن طال الزمان رياحا

أتسفه الأشياخ ممن قد مضى … من رام ذلك لا أصاب فلاحا

فقال عمرو بن مرة: الكاذب منى ومنك أمر الله عيشه، وأبكم لسانه، وأكمه بصره. قال عمرو ابن مرة والله ما مات حتى سقط فوه وكان لا يجد طعم الطعام، وعمى وخرس. وخرج عمرو بن مرة ومن أسلم من قومه حتى أتوا النبي ، فرحب بهم وحباهم وكتب لهم كتابا هذه نسخته: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله على لسان رسول الله بكتاب صادق، وحق ناطق، مع عمرو ابن مرة الجهنيّ لجهينة بن زيد إن لكم بطون الأرض وسهولها، وتلاع الاودية وظهورها، ترعون نباته وتشربون صافيه. على ان تقروا بالخمس، وتصلوا الصلوات الخمس، وفي التبعة والصريمة شاتان ان اجتمعتا، وان تفرقتا فشاة شاة. ليس على أهل الميرة صدقة، ليس الوردة اللبقة». وشهد من حضرنا من المسلمين بكتاب قيس بن شماس . وذلك حين يقول عمرو بن مرة:

ألم تر أن الله أظهر دينه … وبين برهان القرآن لعامر

كتاب من الرحمن نور لجمعنا … واحلافنا في كل باد وحاضر

<<  <  ج: ص:  >  >>