للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انك الّذي بشّر بك ابن مريم، وانك على مثل ناموس موسى، وانك نبي مرسل، وانك ستؤمر بالجهاد بعد يومك هذا. ولئن أدركني ذلك لأجاهدنّ معك. فلما توفى. قال رسول الله :

«لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير، لأنه آمن بى وصدقنى» يعنى ورقة. هذا لفظ البيهقي وهو مرسل وفيه غرابة وهو كون الفاتحة أول ما نزل وقد قدمنا من شعره ما يدل على إضماره الايمان وعقده عليه وتأكده عنده، وذلك حين أخبرته خديجة ما كان من امره مع غلامها ميسرة وكيف كانت الغمامة تظلله في هجير القيظ. فقال ورقة في ذلك اشعارا قدمناها قبل هذا، منها قوله:

لججت وكنت في الذكرى لجوجا … لأمر طالما بعث النشيجا

ووصف من خديجة بعد وصف … فقد طال انتظاري يا خديجا

ببطن المكتين على رجائي … حديثك أن أرى منه خروجا

بما خبرتنا من قول قس … من الرهبان اكره ان يعوجا

بأنّ محمدا سيسود قوما … ويخصم من يكون له حجيجا

ويظهر في البلاد ضياء نور … يقيم به البرية ان (١) تعوجا

فيلقى من يحاربه خسارا … ويلقى من يسالمه فلوجا

فيا ليتى إذا ما كان ذاكم … شهدت وكنت أولهم ولوجا

ولو كان الّذي كرهت قريش … ولو عجت بمكتها عجيجا

أرجى بالذي كرهوا جميعا … إلى ذي العرش إذ سفلوا عروجا

فان يبقوا وابق يكن أمورا … يضج الكافرون لها ضجيجا

وقال أيضا في قصيدته الأخرى:

واخبار صدق خبرت عن محمد … يخبرها عنه إذا غاب ناصح

بان ابن عبد الله احمد مرسل … إلى كل من ضمت عليه الأباطح

وظني به ان سوف يبعث صادقا … كما أرسل العبدان هود وصالح

وموسى وإبراهيم حتى يرى له … بهاء ومنشور من الحق (٢) واضح

ويتبعه حيّا لؤيّ بن غالب … شبابهم والأشيبون الجحاجح

فان ابق حتى يدرك الناس دهره … فانى به مستبشر الود فارح

وإلا فانى يا خديجة فاعلمي … عن أرضك في الأرض العريضة سائح


(١) وردت في السيرة لابن هشام: أن تموجا. مع بعض اختلاف في بعض الألفاظ.
(٢) في الحلبية: من الذكر واضح. والقصيدة ذكرها السهيليّ وفيها طول.

<<  <  ج: ص:  >  >>