سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي حدثنا يا عبيد كيف كان بدو ما ابتدئ به رسول الله ﷺ من النبوة حين جاءه جبريل قال فقال عبيد وأنا حاضر - يحدث عبد الله ابن الزبير ومن عنده من الناس -: كان رسول الله ﷺ يجاور في حراء في كل سنة شهرا يتحنث قال وكان ذلك مما يحبب به قريش في الجاهلية والتحنث التبرر فكان رسول الله ﷺ يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين فإذا قضى جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الّذي أراد الله به فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها وذلك الشهر رمضان خرج إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد به جاءه جبريل بأمر الله تعالى قال رسول الله ﷺ: «فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ؟ قلت ما اقرأ؟ قال فغتني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلنى فقال اقرأ قلت ما أقرأ؟ قال فغتني حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلنى، فقال اقرأ قلت ما اقرأ؟ قال فغتني حتى ظننت به الموت ثم أرسلنى. فقال اقرأ قلت ماذا اقرأ ما أقول ذلك إلا اقتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي فقال: ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ * اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ﴾. قال فقرأتها ثم انتهى وانصرف عنى وهببت من نومي فكأنما كتب في قلبي كتابا. قال فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال فرفعت رأسي إلى السماء فأنظر فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فوقفت انظر اليه فما أتقدم وما أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فما انظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما أتقدم أمامى وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبى فبلغوا مكة ورجعوا اليها وأنا واقف في مكاني ذلك ثم انصرف عنى وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا اليها فقالت يا أبا القاسم أين كنت؟ فو الله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا الى ثم حدثتها بالذي رأيت. فقالت أبشر يا ابن العم واثبت فو الّذي نفس خديجة بيده انى لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله ﷺ فقال ورقة: قدوس قدوس والّذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الّذي كان يأتى موسى وأنه لنبي هذه الأمة، وقولي له فليثبت. فرجعت خديجة إلى رسول الله ﷺ فأخبرته بقول ورقة فلما قضى رسول الله ﷺ جواره وانصرف صنع كما كان يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف