بالكعبة فقال يا ابن أخى أخبرنى بما رأيت وسمعت فأخبره فقال له ورقة والّذي نفسي بيده انك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الّذي جاء موسى، ولتكذبنه ولتؤذينه ولتخرجنه ولتقاتلنه، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه. ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه ثم انصرف رسول الله ﷺ إلى منزله». وهذا الّذي ذكره عبيد بن عمير كما ذكرناه كالتوطئة لما جاء بعده من اليقظة كما تقدم من قول عائشة ﵂ فكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح. ويحتمل أن هذا المنام كان بعد ما رآه في اليقظة صبيحة ليلتئذ ويحتمل أنه كان بعده بمدة والله أعلم.
وقال موسى بن عقبة عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال وكان فيما بلغنا أول ما رأى يعنى رسول الله ﷺ أن الله تعالى أراه رؤيا في المنام فشق ذلك عليه فذكرها لامرأته خديجة فعصمها الله عن التكذيب وشرح صدرها للتصديق فقالت أبشر فان الله لم يصنع بك إلا خيرا ثم إنه خرج من عندها ثم رجع اليها فأخبرها أنه رأى بطنه شق ثم غسل وطهر ثم أعيد كما كان قالت هذا والله خير فأبشر ثم استعلن له جبريل وهو بأعلى مكة فأجلسه على مجلس كريم معجب كان النبي ﷺ يقول أجلسنى على بساط كهيئة الدرنوك فيه الياقوت واللؤلؤ فبشره برسالة الله ﷿ حتى اطمأن رسول الله ﷺ فقال له جبريل اقرأ فقال كيف اقرأ فقال:«اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ * اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ». قال ويزعم ناس أن «يا أيها المدثر» أول سورة نزلت عليه والله أعلم. قال فقبل رسول الله ﷺ رسالة ربه واتبع ما جاءه به جبريل من عند الله فلما انصرف منقلبا إلى بيته جعل لا يمرّ على شجر ولا حجر إلا سلّم عليه فرجع إلى أهله مسرورا موقنا أنه قد رأى أمرا عظيما فلما دخل على خديجة قال أرأيتك التي كنت حدّثتك أنى رأيته في المنام فإنه جبريل استعلن إليّ أرسله إليّ ربى ﷿ وأخبرها بالذي جاءه من الله وما سمع منه فقالت أبشر فو الله لا يفعل الله بك إلا خيرا واقبل الّذي جاءك من أمر الله فإنه حق وأبشر فإنك رسول الله حقا. ثم انطلقت من مكانها فأتت غلاما لعتبة بن ربيعة بن عبد شمس نصرانيا من أهل نينوى يقال له عداس فقالت له يا عداس أذكرك بالله إلا ما أخبرتنى هل عندك علم من جبريل فقال: قدوس قدوس ما شأن جبريل يذكر بهذه الأرض التي أهلها أهل الأوثان. فقالت: أخبرنى بعلمك فيه. قال فإنه أمين الله بينه وبين النبيين وهو صاحب موسى وعيسى ﵉. فرجعت خديجة من عنده فجاءت ورقة بن نوفل فذكرت له ما كان من أمر النبي ﷺ وما ألقاه اليه جبريل. فقال لها ورقة: يا بنية أخى ما أدرى لعل صاحبك النبي الّذي ينتظر أهل الكتاب الّذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، وأقسم بالله لئن كان إياه ثم