قوله: فامر لنا بطعام وكسوة. قال وهذا اسناد صحيح وظاهره يدل على أن أبا موسى كان بمكة، وأنه خرج مع جعفر بن أبى طالب إلى أرض الحبشة، والصحيح عن يزيد بن عبد الله بن أبى بردة عن جده أبى بردة عن أبى موسى: أنهم بلغهم مخرج رسول الله ﷺ وهم باليمن فخرجوا مهاجرين في بضع وخمسين رجلا في سفينة، فألقتهم سفينتهم إلى النجاشي بأرض الحبشة، فوافقوا جعفر بن أبى طالب وأصحابه عندهم، فأمره جعفر بالإقامة، فأقاموا عنده حتى قدموا على رسول الله ﷺ زمن خيبر. قال وأبو موسى شهد ما جرى بين جعفر وبين النجاشي، فأخبر عنه. قال ولعل الراويّ وهم في قوله:
أمرنا رسول الله ﷺ أن ننطلق والله أعلم.
وهكذا رواه البخاري في باب هجرة الحبشة.
حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة حدثنا يزيد بن عبد الله عن أبى بردة عن أبى موسى. قال: بلغنا مخرج النبي ﷺ ونحن باليمن، فركبنا سفينة فالقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبى طالب ﵁ فأقمنا معه حتى قدمنا فوافينا النبي ﷺ حين افتتح خيبر، فقال النبي ﷺ:«لكم أنتم أهل السفينة هجرتان» وهكذا رواه مسلم عن أبى كريب وأبى عامر عبد الله بن براد [بن يوسف بن أبى بردة بن أبى موسى] كلاهما عن أبى اسامة به، وروياه في مواضع أخر مطولا والله أعلم.
وأما قصة جعفر مع النجاشي فان الحافظ ابن عساكر رواها في ترجمة جعفر بن أبى طالب من تاريخه من رواية نفسه، ومن رواية عمرو بن العاص. وعلى يديهما جرى الحديث، ومن رواية ابن مسعود كما تقدم. وأما سلمة كما سيأتي.
فاما رواية جعفر فإنها عزيزة جدا. رواها ابن عساكر عن أبى القاسم السمرقندي عن أبى الحسين بن النقور عن أبى طاهر المخلص عن أبى القاسم البغوي. قال حدثنا أبو عبد الرحمن الجعفي عن عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا أسد بن عمرو البجلي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن عبد الله بن جعفر عن أبيه. قال: بعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية من أبى سفيان إلى النجاشي. فقالوا له - ونحن عنده -: قد صار إليك ناس من سفلتنا وسفهائنا، فادفعهم إلينا، قال لا حتى أسمع كلامهم. قال فبعث إلينا فقال: ما يقول هؤلاء؟ قال قلنا هؤلاء قوم يعبدون الأوثان، وإن الله بعث إلينا رسولا فآمنا به وصدقناه. فقال لهم النجاشي أعبيدهم لكم؟ قالوا: لا. فقال: فلكم عليهم دين؟ قالوا لا. قال فخلوا سبيلهم. قال فخرجنا من عنده فقال عمرو بن العاص إن هؤلاء يقولون في عيسى غير ما تقول، قال إن لم يقولوا في عيسى مثل قولي لم أدعهم في أرضى ساعة من نهار. فأرسل إلينا فكانت الدعوة الثانية أشد علينا من الاولى، قال ما يقول صاحبكم في عيسى بن مريم؟ قلنا يقول: هو روح الله وكلمته ألقاها إلى عذراء بتول، قال فأرسل فقال ادعوا الى فلان القس، وفلان الراهب. فأتاه ناس منهم فقال: ما تقولون في عيسى بن مريم؟