فقالوا أنت أعلمنا، فما تقول؟ قال النجاشي - وأخذ شيئا من الأرض - قال ما عدا عيسى ما قال هؤلاء مثل هذا، ثم قال أيؤذيكم أحدا؟ قالوا نعم! فنادى مناد من آذى أحدا منهم فاغرموه أربعة دراهم ثم قال أيكفيكم؟ قلنا لا، فأضعفها. قال فلما هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة وظهر بها قلنا له إن رسول الله ﷺ قد ظهر وهاجر إلى المدينة، وقتل الذين كنا حدثناك عنهم، وقد أردنا الرحيل اليه، فردنا. قال نعم! فحملنا وزودنا. ثم قال أخبر صاحبك بما صنعت إليكم، وهذا صاحبي معكم أشهد أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله، وقل له يستغفر لي. قال جعفر: فخرجنا حتى أتينا المدينة فتلقاني رسول الله ﷺ واعتنقني، ثم قال:«ما أدرى أنا بفتح خيبر أفرح أم بقدوم جعفر؟» ووافق ذلك فتح خيبر، ثم جلس فقال رسول النجاشي: هذا جعفر فسله ما صنع به صاحبنا؟ فقال نعم فعل بنا كذا وكذا وحملنا وزودنا، وشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. وقال لي قل له يستغفر لي. فقام رسول الله ﷺ فتوضأ، ثم دعا ثلاث مرات «اللهمّ اغفر للنجاشي» فقال المسلمون آمين. ثم قال جعفر فقلت للرسول انطلق فأخبر صاحبك بما رأيت من رسول الله ﷺ. ثم قال ابن عساكر حسن غريب.
وأما
رواية أم سلمة فقد قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام عن أم سلمة ﵂. أنها قالت: لما ضاقت مكة وأوذى أصحاب رسول الله ﷺ وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله ﷺ لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله في منعة من قومه ومن عمه لا يصل اليه شيء مما يكره ومما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله ﷺ:«إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه» فخرجنا اليها إرسالا حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار آمنين على ديننا، ولم نخش فيها ظلما. فلما رأت قريش أنا قد أصبنا دارا وأمنا، غاروا منا، فاجتمعوا على أن يبعثوا إلى النجاشي فينا ليخرجونا من بلاده وليردنا عليهم فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبى ربيعة، فجمعوا له هدايا ولبطارقته، فلم يدعوا منهم رجلا إلا هيئوا له هدية على حدة، وقالوا لهما ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تتكلموا فيهم، ثم ادفعوا اليه هداياه فان استطعتم أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا. فقد ما عليه فلم يبق بطريق من بطارقته إلا قدموا اليه هديته، فكلموه فقالوا له: إنما قدمنا على هذا الملك في سفهائنا، فارقوا أقوامهم في دينهم ولم يدخلوا في دينكم. فبعثنا قومهم ليردهم الملك عليهم، فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل فقالوا نفعل. ثم قدّموا إلى النجاشي هداياه، وكان من أحب ما يهدون اليه من مكة الأدم - وذكر موسى بن عقبة أنهم أهدوا اليه فرسا وجبة ديباج - فلما أدخلوا عليه هداياه. قالوا له: أيها