للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض في سفك الدماء وغيرها، لأنحل شيئا ولا نحرمه. فبعث الله إلينا نبيا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته فدعانا الى أن نعبد الله وحده لا شريك له ونصل الأرحام وتحمى الجوار ونصلي لله ﷿، ونصوم له، ولا نعبد غيره.

وقال زياد عن ابن إسحاق: فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الأرحام وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. قال - فعدوا عليه أمور الإسلام - فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من عند الله، فعبدنا الله وحده لا شريك له ولم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا ليفتنونا عن ديننا ويردونا الى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا الى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. قالت فقال النجاشي: هل معك شيء مما جاء به؟ وقد دعا اساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله. فقال له جعفر! نعم: قال هلم فاتل على مما جاء به، فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى والله النجاشي حتى أخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم. ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى، انطلقوا راشدين لا والله لا أردهم عليكم ولا أنعمكم علينا. فخرجنا من عنده وكان أبقى الرجلين فينا عبد الله بن ربيعة. فقال عمرو بن العاص: والله لآتينه غدا بما استأصل به خضراءهم، ولأخبرنه أنهم يزعمون ان إلهه الّذي يعبد عيسى بن مريم عبد. فقال له عبد الله بن أبى ربيعة: لا تفعل فإنهم وان كانوا خالفونا فان لهم رحما ولهم حقا. فقال: والله لأفعلن! فلما كان الغد دخل عليه فقال: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى قولا عظيما، فأرسل اليهم فسلهم عنه. فبعث والله اليهم ولم ينزل بنا مثلها، فقال بعضنا لبعض ماذا تقولون له في عيسى ان هو يسألكم عنه؟ فقالوا: نقول والله الّذي قاله الله فيه، والّذي أمرنا نبينا ان نقوله فيه فدخلوا عليه وعنده بطارقته فقال ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال له جعفر: نقول هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الى مريم العذراء البتول. فدلى النجاشي يده الى الأرض فأخذ عودا بين إصبعيه فقال: ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العويد.

فتناخرت بطراقته. فقال: وان تناخرتم والله! اذهبوا فأنتم سيوم في الأرض - السيوم الآمنون في الأرض، من سبكم غرم، من سبكم غرم، من سبكم غرم، ثلاثا ما أحب أن لي دبرا وإني آذيت رجلا منكم - والدبر بلسانهم الذهب. وقال زياد عن ابن إسحاق ما أحبّ أن لي دبرا من ذهب. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>