الأسود عن عروة بن الزبير - يعنى كسياق موسى بن عقبة ﵀ وقد تقدم عن موسى بن عقبة أنه قال: إنما كانت هجرة الحبشة بعد دخولهم إلى الشعب عن أمر رسول الله ﷺ لهم في ذلك فالله أعلم.
قلت: والأشبه أن أبا طالب إنما قال قصيدته اللامية التي قدمنا ذكرها بعد دخولهم الشعب أيضا فذكرها هاهنا أنسب والله أعلم. ثم روى البيهقي من طريق يونس عن محمد بن إسحاق. قال:
لما مضى رسول الله ﷺ على الّذي بعث به وقامت بنو هاشم وبنو المطلب دونه، وأبوا أن يسلموه وهم من خلافه على مثل ما قومهم عليه إلا أنهم اتقوا أن يستذلوا ويسلموا أخاهم لما قارفه من قومه.
فلما فعلت ذلك بنو هاشم وبنو المطلب وعرفت قريش أن لا سبيل إلى محمد، اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بنى هاشم وبنى عبد المطلب أن لا يناكحوهم ولا ينكحوا اليهم وبايعوهم ولا يبتاعوا منهم وكتبوا صحيفة في ذلك وعلقوها بالكعبة، ثم عدوا على من أسلم فأوثقوهم وآذوهم واشتد عليهم البلاء وعظمت الفتنة ﴿وزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً﴾ ثم ذكر القصة بطولها في دخولهم شعب أبى طالب وما بلغوا فيه من فتنة الجهد الشديد حتى كان يسمع أصوات صبياتهم يتضاغون من وراء الشعب من الجوع حتى كره عامة قريش ما أصابهم وأظهروا كراهيتهم لصحيفتهم الظالمة، وذكروا أن الله برحمته أرسل على صحيفة قريش الارضة فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أكلته وبقي فيها الظلم والقطيعة والبهتان فأخبر الله تعالى بذلك رسول الله ﷺ فأخبر بذلك عمه أبو طالب، ثم ذكر بقية القصة كرواية موسى بن عقبة وأتم.
وقال ابن هشام عن زياد عن محمد بن إسحاق: فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله ﷺ قد نزلوا بلدا أصابوا منه أمنا وقرارا، وأن النجاشي قد منع من لجأ اليه منهم، وأن عمر قد أسلم فكان هو وحمزة مع رسول الله ﷺ وأصحابه، وجعل الإسلام يفشو في القبائل فاجتمعوا وائتمروا على أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بنى هاشم وبنى عبد المطلب على أن لا ينكحوا اليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم فلما اجتمعوا لذلك كتبوا في صحيفة ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم، وكان كاتب الصحيفة منصور ابن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي. قال ابن هشام: ويقال النضر ابن الحارث، فدعا عليه رسول الله ﷺ فشل بعض أصابعه. وقال الواقدي: كان الّذي كتب الصحيفة طلحة بن أبى طلحة العبدوي.
قلت: والمشهور أنه منصور بن عكرمة كما ذكره ابن إسحاق، وهو الّذي شلت يده فما كان ينتفع بها وكانت قريش تقول بينها: انظروا إلى منصور بن عكرمة. قال الواقدي: وكانت الصحيفة