للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: ثم عمدا إلى غار بثور - جبل بأسفل مكة - فدخلاه، وأمر أبو بكر الصديق ابنه عبد الله أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره، ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر. وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره، ثم يريحها عليهما إذا أمسى في الغار.

فكان عبد الله بن أبى بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به، وما يقولون في شأن رسول الله وأبى بكر، ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر. وكان عامر بن فهيرة يرعى في رعيان أهل مكة، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبى بكر فاحتلبا وذبحا. فإذا غدا عبد الله بن أبى بكر من عندهما إلى مكة أتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم يعفى عليه. وسيأتي في سياق البخاري ما يشهد لهذا.

وقد حكى ابن جرير عن بعضهم أن رسول الله سبق الصديق في الذهاب الى غار ثور، وأمر عليا أن يدله على مسيره ليلحقه، فلحقه في أثناء الطريق. وهذا غريب جدا وخلاف المشهور من أنهما خرجا معا.

قال ابن إسحاق: وكانت أسماء بنت أبى بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما، قالت أسماء: ولما خرج رسول الله وأبو بكر أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فوقفوا على باب أبى بكر، فخرجت اليهم فقالوا أين أبوك يا ابنة أبى بكر؟ قالت قلت لا أدرى والله أين أبى. قالت فرفع أبو جهل يده - وكان فاحشا خبيثا - فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي ثم انصرفوا. قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه عن جدته أسماء قالت: لما خرج رسول الله وخرج أبو بكر معه، احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف درهم - أو ستة آلاف درهم - فانطلق بها معه، قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة - وقد ذهب بصره - فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه؟ قالت قلت كلا يا أبة إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا، قالت وأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الّذي كان أبى يضع ماله فيها، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده فقلت يا أبة ضع يدك على هذا المال. قالت فوضع يده عليه فقال: لا بأس إذ كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا بلاغ لكم، ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكن أردت أن اسكن الشيخ بذلك.

وقال ابن هشام: وحدثني بعض أهل العلم أن الحسن بن أبى الحسن البصري. قال: انتهى رسول الله وأبو بكر إلى الغار ليلا، فدخل أبو بكر قبل رسول الله فلمس الغار لينظر أفيه سبع أو حية، يقي رسول الله بنفسه. وهذا فيه انقطاع من طرفيه. وقد قال أبو القاسم البغوي حدثنا داود بن عمرو الضبيّ ثنا نافع بن عمر الجمحيّ عن ابن أبى مليكة: أن النبي لما خرج هو وأبو بكر إلى ثور، فجعل أبو بكر يكون أمام النبي مرة، وخلفه مرة. فسأله النبي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>