ذلك فقال: إذا كنت خلفك خشيت أن تؤتى من أمامك، وإذا كنت أمامك خشيت أن تؤتى من خلفك. حتى إذا انتهى إلى الغار من ثور قال أبو بكر: كما أنت حتى أدخل يدي فاحسه وأقصه فان كانت فيه دابة أصابتنى قبلك. قال نافع: فبلغني أنه كان في الغار جحر فألقم أبو بكر رجله ذلك الجحر تخوفا أن يخرج منه دابة أو شيء يؤذى رسول الله ﷺ، وهذا مرسل. وقد ذكرنا له شواهد أخر في سيرة الصديق ﵁.
وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر احمد بن إسحاق أنا موسى بن الحسن ثنا عباد ثنا عفان بن مسلم ثنا السري بن يحيى ثنا محمد بن سيرين. قال: ذكر رجال على عهد عمر فكأنهم فضلوا عمر على أبى بكر. فبلغ ذلك عمر فقال: والله ليلة من أبى بكر خير من آل عمر، وليوم من أبى بكر خير من آل عمر. لقد خرج رسول الله ﷺ ليلة انطلق إلى الغار ومعه أبو بكر فجعل يمشى ساعة بين يديه وساعة خلفه، حتى فطن رسول الله ﷺ فقال:«يا أبا بكر مالك تمشى ساعة خلفي وساعة بين يدي؟» فقال: يا رسول الله أذكر الطلب فأمشى خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشى بين يديك. فقال:«يا أبا بكر لو كان شيء لأحببت أن يكون بك دوني؟» قال نعم والّذي بعثك بالحق. فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار، فدخل فاستبرأه، حتى إذا كان ذكر أنه لم يستبرئ الجحرة فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ.
فدخل فاستبرأ ثم قال: أنزل يا رسول الله، فنزل. ثم قال عمر: والّذي نفسي بيده لتلك الليلة خير من آل عمر. وقد
رواه البيهقي من وجه آخر عن عمر وفيه: أن أبا بكر جعل يمشى بين يدي رسول الله ﷺ تارة، وخلفه أخرى، وعن يمينه وعن شماله. وفيه أنه لما حفيت رجلا رسول الله ﷺ حمله الصديق على كاهله، وأنه لما دخل الغار سدد تلك الأجحرة كلها وبقي منها جحر واحد، فألقمه كعبه فجعلت الأفاعي تنهشه ودموعه تسيل. فقال له رسول الله ﷺ«لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا» وفي هذا السياق غرابة ونكارة. وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وابو سعيد بن أبى عمرو.
قالا: ثنا أبو العباس الأصم ثنا عباس الدوري ثنا اسود بن عامر شاذان ثنا إسرائيل عن الأسود عن جندب بن عبد الله. قال: كان أبو بكر مع رسول الله ﷺ في الغار، فأصاب يده حجر فقال:
إن أنت إلا إصبع دميت … وفي سبيل الله ما لقيت
وقال الامام احمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر أخبرنى عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله تعالى ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ﴾ قال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق، يريدون النبي ﷺ. وقال بعضهم بل اقتلوه. وقال بعضهم بل أخرجوه. فأطلع الله نبيه ﷺ على ذلك، فبات عليّ على فراش