عليكم أباكم آدم أن لا تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا. اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ولا تشركوا بى شيئا وإني سأرسل إليكم رسلا ينذرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتابي - قالوا نشهد أنك ربنا والهنا لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك فأقروا له يومئذ بالطاعة ورفع أباهم آدم فنظر اليهم فرأى فيهم الغنى والفقير وحسن الصورة ودون ذلك * فقال يا رب لو سويت بين عبادك فقال إني أحببت أن أشكر. ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة فهو الّذي يقول الله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً﴾ وهو الّذي يقول ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ﴾ وفي ذلك قال ﴿هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى﴾ وفي ذلك قال ﴿وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ﴾ رواه الأئمة عبد الله بن أحمد وابن أبى حاتم وابن جرير وابن مردويه في تفاسيرهم من طريق أبى جعفر * وروى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة والسدي وغير واحد من علماء السلف بسياقات توافق هذه الأحاديث وتقدم أنه تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم امتثلوا كلهم الأمر الإلهي وامتنع إبليس من السجود له حسدا وعداوة له فطرده الله وأبعده وأخرجه من الحضرة الإلهية ونفاه عنها وأهبطه الى الأرض طريدا ملعونا شيطانا رجيما * وقد
قال الامام أحمد حدثنا وكيع. ويعلى ومحمد ابنا عبيد قالوا حدثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله ﷺ(إذا) قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى يقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار. ورواه مسلم من حديث وكيع وأبى معاوية عن الأعمش به. ثم لما أسكن آدم الجنة التي أسكنها سواء كانت في السماء أو في الأرض على ما تقدم من الخلاف فيه أقام بها هو وزوجته حواء ﵉ يأكلان منها رغدا حيث شاءا فلما أكلا من الشجرة التي نهيا عنها سلبا ما كانا فيه من اللباس وأهبطا الى الأرض * وقد ذكرنا الاختلاف في مواضع هبوطه منها * واختلفوا في مقدار مقامه في الجنة فقيل بعض يوم من أيام الدنيا وقد قدمنا ما رواه مسلم عن أبى هريرة مرفوعا وخلق آدم في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة وتقدم أيضا حديثه عنه وفيه (يعنى) يوم الجمعة خلق آدم وفيه أخرج منها فان كان اليوم الّذي خلق فيه فيه أخرج وقلنا إن الأيام الستة كهذه الأيام فقد لبث بعض يوم من هذه. وفي هذا نظر وإن كان إخراجه في غير اليوم الّذي خلق فيه أو قلنا بأن تلك الأيام مقدارها ستة آلاف سنة كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد والضحاك واختاره ابن جرير فقد لبث هناك مدة طويلة. قال ابن جرير ومعلوم أنه خلق في آخر ساعة من يوم الجمعة والساعة منه ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر فمكث مصورا طينا قبل أن ينفخ فيه