في الصحيحين عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ«أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث الى قومه وبعثت الى الناس عامة»
وروى الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبي ﷺ«لم تحل الغنائم لسود الرءوس غيرنا» ولهذا قال تعالى ﴿فَكُلُوا مِمّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً﴾ فاذن الله تعالى في أكل الغنائم وفداء الأسارى وقد قال أبو داود حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العبسيّ ثنا سفيان بن حبيب ثنا شعبة عن أبى العنبس عن أبى الشعثاء عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة، وهذا كان أقل ما فودى به أحد منهم من المال، وأكثر ما فودى به الرجل منهم أربعة آلاف درهم. وقد وعد الله من آمن منهم بالخلف عما أخذ منه في الدنيا والآخرة فقال تعالى ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ الآية. وقال الوالبي عن ابن عباس نزلت في العباس ففادى نفسه بالأربعين أوقية من ذهب قال العباس، فآتاني الله أربعين عبدا - يعنى كلهم يتجر له - قال وأنا أرجو المغفرة التي وعدنا الله جل ثناؤه.
وقال ابن إسحاق: حدثني العباس بن عبد الله بن مغفل (١) عن بعض أهله عن ابن عباس قال لما أمسى رسول الله ﷺ يوم بدر والأسارى محبوسون بالوثاق، بات النبي ﷺ ساهرا أول الليل، فقال له أصحابه مالك لا تنام يا رسول الله؟ فقال «سمعت أنين عمى العباس في وثاقه» فاطلقوه فسكت فنام رسول الله ﷺ. قال ابن إسحاق: وكان رجلا موسرا ففادى نفسه بمائة أوقية من ذهب. قلت: وهذه المائة كانت عن نفسه وعن ابني أخويه عقيل ونوفل، وعن حليفه عتبة بن عمرو أحد بنى الحارث بن فهر كما أمره بذلك رسول الله ﷺ حين ادعى أنه كان قد أسلم
فقال له رسول الله ﷺ«أما ظاهرك فكان علينا والله أعلم بإسلامك وسيجزيك» فادعى أنه لا مال عنده قال «فأين المال الّذي دفنته أنت وأم الفضل وقلت لها إن أصبت في سفري فهذا لبنىّ الفضل وعبد الله وقثم؟» فقال والله إني لأعلم أنك رسول الله إن هذا شيء ما علمه إلا أنا وأم الفضل رواه ابن إسحاق عن ابن أبى نجيح عن عطاء عن ابن عباس. وثبت
في صحيح البخاري من طريق موسى بن عقبة قال الزهري حدثني أنس بن مالك قال إن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله ﷺ قالوا ايذن لنا فلنترك لابن أختنا العباس فداءه. فقال «لا والله لا تذرون منه درهما»
قال البخاري وقال إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن النبي ﷺ أتى بمال من البحرين فقال:«انثروه في المسجد» فكان أكثر مال أتى به رسول الله ﷺ، إذ جاءه العباس
(١) كذا في الحلبية وفي المصرية معقل وفي الخلاصة العباس بن عبد الله بن معبد ولعله الصواب.