قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ الْإِسْلَامَ قَالَ فَسَكَتَ، قَالَ فَمَا رَأَيْتُنِي فِي يَوْمٍ أَخْوَفَ أَنْ تَقَعَ عَلَيَّ حِجَارَةٌ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَتَّى قَالَ «إِلَّا سُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ» قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَالله يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ ٨: ٦٧- ٦٨ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي أَيُّوبٍ الْأَنْصَارِيُّ بِنَحْوِهِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أُسِرَ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ أُسِرَ الْعَبَّاسُ فِيمَنْ أُسِرَ أَسَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ وَقَدْ أَوْعَدَتْهُ الْأَنْصَارُ أَنْ يَقْتُلُوهُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «إِنِّي لَمْ أَنَمِ اللَّيْلَةَ مِنْ أَجْلِ عَمِّي الْعَبَّاسِ، وَقَدْ زَعَمَتِ الْأَنْصَارُ أَنَّهُمْ قَاتِلُوهُ» قَالَ عُمَرُ أَفَآتِيهِمْ؟ قَالَ نَعَمْ فَأَتَى عُمَرُ الْأَنْصَارَ فَقَالَ لَهُمْ: أَرْسِلُوا الْعَبَّاسَ، فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ لَا نُرْسِلُهُ، فَقَالَ لَهُمْ عُمَرُ: فَإِنْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ رِضًى؟ قَالُوا فَإِنْ كَانَ لَهُ رِضًى فَخُذْهُ، فَأَخَذَهُ عُمَرُ فَلَمَّا صَارَ فِي يَدِهِ قَالَ له عمر: يا عباس أسلم فو الله لئن تُسْلِمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُسْلِمَ الْخَطَّابُ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُعْجِبُهُ إِسْلَامُكَ. قَالَ وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَشِيرَتُكَ فَأَرْسِلْهُمْ وَاسْتَشَارَ عُمَرَ فَقَالَ اقْتُلْهُمْ، فَفَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ الله ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ في الْأَرْضِ ٨: ٦٧ الآية. ثم قال الحاكم في صحيحه هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَرَوَى الترمذي وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خَيِّرْ أَصْحَابَكَ فِي الْأُسَارَى إِنْ شَاءُوا الْفِدَاءَ وَإِنْ شَاءُوا الْقَتْلَ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ عَامًا قَابِلًا مِنْهُمْ مثلهم، قالوا الفداء أو يقتل مِنَّا. وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ مُرْسَلًا عَنْ عُبَيْدَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ٨: ٦٨ يَقُولُ لَوْلَا أَنِّي لَا أُعَذِّبُ مَنْ عَصَانِي حَتَّى أَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَعْمَشُ سَبَقَ مِنْهُ أَنْ لَا يُعَذِّبَ أَحَدًا شَهِدَ بَدْرًا. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعْدِ ابن أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالثَّوْرِيُّ لَوْلا كِتابٌ من الله سَبَقَ ٨: ٦٨ أَيْ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ. وَقَالَ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَبَقَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَغَانِمَ وَفِدَاءَ الْأُسَارَى حَلَالٌ لَكُمْ، وَلِهَذَا قَالَ بعده فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً ٨: ٦٩ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْأَعْمَشِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ تَرَجَّحَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute