للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الملائكة نزلزل بهم الحصون فاخرج بالناس، فخرج رسول الله في أثر جبريل فمر على مجلس بنى غنم وهم ينتظرون رسول الله فسألهم فقال: مرّ عليكم فارس آنفا؟ قالوا مرّ علينا دحية الكلبي على فرس أبيض تحته نمط أو قطيفة ديباج عليه الأمة، فذكروا أن رسول الله قال: ذاك جبريل. وكان رسول الله يشبّه دحية الكلبي بجبريل، فقال الحقونى ببني قريظة فصلوا فيهم العصر، فقاموا وما شاء الله من المسلمين فانطلقوا الى بنى قريظة فحانت صلاة العصر وهم بالطريق فذكروا الصلاة فقال بعضهم لبعض: ألم تعلموا أن رسول الله أمركم أن تصلوا العصر في بنى قريظة. وقال آخرون: هي الصلاة، فصلى منهم قوم وأخّرت طائفة الصلاة حتى صلوها في بنى قريظة بعد أن غابت الشمس، فذكروا لرسول الله من عجل منهم الصلاة ومن أخرها فذكروا أن رسول الله لم يعنف واحدا من الفريقين. قال فلما رأى عليّ بن أبى طالب رسول الله مقبلا تلقاه وقال: ارجع يا رسول الله فان الله كافيك اليهود، وكان عليّ قد سمع منهم قولا سيئا لرسول الله وأزواجه فكره أن يسمع ذلك رسول الله ، فقال رسول الله : لم تأمرنى بالرجوع؟ فكتمه ما سمع منهم فقال: أظنك سمعت فىّ منهم أذى فامض فان أعداء الله لو رأوني لم يقولوا شيئا مما سمعت، فلما نزل رسول الله بحصنهم وكانوا في أعلاه نادى بأعلى صوته نفرا من أشرافهم حتى أسمعهم فقال: أجيبوا يا معشر يهود يا إخوة القردة قد نزل بكم خزي الله ﷿، فحاصرهم رسول الله بكتائب المسلمين بضع عشرة ليلة ورد الله حيي بن أخطب حتى دخل حصن بنى قريظة وقذف الله في قلوبهم الرعب واشتد عليهم الحصار فصرخوا بأبي لبابة بن عبد المنذر - وكانوا حلفاء الأنصار - فقال أبو لبابة لا آتيهم حتى يأذن لي رسول الله فقال له رسول الله قد أذنت لك، فأتاهم أبو لبابة فبكوا اليه وقالوا: يا أبا لبابة ماذا ترى وماذا تأمرنا فإنه لا طاقة لنا بالقتال، فأشار أبو لبابة بيده الى حلقه وأمرّ عليه أصابعه، يريهم انما يراد بهم القتل. فلما انصرف أبو لبابة سقط في يده ورأى أنه قد أصابته فتنة عظيمة فقال والله لا انظر في وجه رسول الله حتى أحدث لله توبة نصوحا يعلمها الله من نفسي، فرجع الى المدينة فربط يديه الى جذع من جذوع المسجد. وزعموا أنه ارتبط قريبا من عشرين ليلة، فقال رسول الله حين غاب عليه أبو لبابة: أما فرغ أبو لبابة من حلفائه، فذكر له ما فعل؟ فقال: لقد أصابته بعدي فتنة ولو جاءني لاستغفرت له وإذ قد فعل هذا فلن أحركه من مكانه حتى يقضى الله فيه ما يشاء. وهكذا رواه ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة وكذا ذكره محمد بن إسحاق في مغازيه في مثل سياق موسى بن عقبة عن الزهري ومثل رواية أبى الأسود عن عروة. قال ابن إسحاق ونزل رسول الله على بئر من آبار بنى قريظة

<<  <  ج: ص:  >  >>