فأخذ عنان فرسه، فقلت: يا أخرم ائذن القوم - يعنى احذرهم - فانى لا آمن أن يقتطعوك فاتئد حتى يلحق رسول الله ﷺ وأصحابه. قال: يا سلمة ان كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة. قال فخليت عنان فرسه فيلحق بعبد الرحمن ابن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن، فاختلفا طعنتين فعقر الاخرم بعبد الرحمن وطعنه عبد الرحمن فقتله فتحول عبد الرحمن على فرس الاخرم فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة وتحول أبو قتادة على فرس الاخرم. ثم انى خرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار صحابة النبي ﷺ شيئا ويعرضون قبل غيبوبة الشمس الى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد فأرادوا أن يشربوا منه فابصرونى أعدو وراءهم فعطفوا عنه وأسندوا في الثنية ثنية ذي بئر وغربت الشمس وألحق رجلا فارميه فقلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع. قال فقال يا ثكل أم أكوع بكرة. فقلت نعم أي عدو نفسه. وكان الّذي رميته بكرة وأتبعته سهما آخر فعلق به سهمان ويخلفون فرسين فجئت بهما أسوقهما الى رسول الله ﷺ وهو على الماء الّذي أجليتهم عنه ذو قرد وإذا بنبي الله ﷺ في خمسمائة وإذا بلال قد نحر جزورا مما خلفت فهو يشوى لرسول الله ﷺ من كبدها وسنامها فأتيت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله خلنى فأنتخب من أصحابك مائة فآخذ على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته. فقال أكنت فاعلا ذلك يا سلمة؟ قال قلت نعم والّذي أكرمك. فضحك رسول الله ﷺ حتى رأيت نواجذه في ضوء النار ثم قال: انهم يقرون الآن بأرض غطفان. فجاء رجل من غطفان فقال: مروا على فلان الغطفانيّ فنحر لهم جزورا فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هرابا فلما أصبحنا قال رسول الله ﷺ خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة، فأعطاني رسول الله ﷺ سهم الفارس والراجل جميعا ثم أردفنى وراءه على العضباء راجعين الى المدينة فلما كان بيننا وبينها قريب من ضحوة وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادى: هل من مسابق، ألا رجل يسابق الى المدينة؟ فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول الله ﷺ مردفى فقلت له: اما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ قال: لا الا رسول الله ﷺ قال قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمى خلنى فلا سابق الرجل. قال: ان شئت. قلت أذهب إليك فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم انى ربطت عليه شرفا أو شرفين يعنى استبقيت من نفسي ثم انى عدوت حتى ألحقه فاصك بين كتفيه بيدي قلت سبقتك والله أو كلمة نحوها قال فضحك وقال: ان أظن. حتى قدمنا المدينة. وهكذا رواه مسلم من طرق عن عكرمة بن عمار بنحوه وعنده نسبقته الى المدينة فلم نلبث إلا ثلاثا حتى خرجنا الى خيبر. ولأحمد هذا السياق. ذكر البخاري والبيهقي هذه الغزوة بعد الحديبيّة وقبل خيبر وهو أشبه مما ذكره ابن إسحاق والله أعلم فينبغي