سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كدي،
قال ابن إسحاق [من المهاجرين]: فزعم بعض أهل العلم أن سعدا حين وجه داخلا قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة فسمعها رجل. قال ابن هشام يقال إنه عمر بن الخطاب، فقال يا رسول الله أتسمع ما يقول سعد بن عبادة؟ ما نأمن أن يكون له في قريش صولة فقال رسول الله ﷺ لعلىّ «أدركه فخذ الراية منه فكن أنت تدخل بها».
قلت:
وذكر غير محمد بن إسحاق أن رسول الله ﷺ لما شكى اليه أبو سفيان قول سعد بن عبادة حين مر به، وقال يأبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة - يعنى الكعبة - فقال النبي ﷺ «بل هذا يوم تعظم فيه الكعبة» وأمر بالراية - راية الأنصار - أن تؤخذ من سعد بن عبادة كالتأديب له، ويقال إنها دفعت الى ابنه قيس بن سعد. وقال موسى بن عقبة عن الزهري دفعها الى الزبير بن العوام فالله اعلم.
[وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة يعقوب بن إسحاق بن دينار ثنا عبد الله بن السري الأنطاكي ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد. وحدثني موسى بن عقبة عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله قال: دفع رسول الله ﷺ الراية يوم فتح مكة الى سعد بن عبادة فجعل يهزها ويقول: اليوم يوم الملحمة يوم تستحل الحرمة. قال فشق ذلك على قريش وكبر في نفوسهم، قال فعارضت امرأة رسول الله ﷺ في مسيره وأنشأت تقول:
يا نبي الهدى إليك لجاحىّ … قريش ولات حين لجاء
حين ضاقت عليهم سعة الأرض … وعاداهم آله السماء
[والتقت حلقتا البطان على القوم … ونودوا بالصيلم الصلعاء (١)]
إن سعدا يريد قاصمة الظهر … بأهل الحجون والبطحاء
خزرجيّ لو يستطيع من الغيظ … رمانا بالنسر والعواء
[فانهينه فإنه الأسد الأسود … والليث والغ في الدماء]
فلئن أقحم اللواء ونادى … يا حماة اللواء أهل اللواء
لتكونن بالبطاح قريش … بقعة القاع في أكف الإماء
[إنه مصلت يريد لها الرأى … صموت كالحية الصماء]
قال فلما سمع رسول الله ﷺ هذا الشعر دخله رحمة لهم ورأفة بهم، وأمر بالراية فأخذت من سعد بن عبادة ودفعت إلى ابنه قيس بن سعد، قال فيروي أنه ﵊ أحب أن لا
(١) هذا البيت لم يرد في الأصل وإنما أورده السهيليّ في الروض الأنف ونسب الشعر الى ضرار بن الخطاب. ولم يورد البيتين المشار اليهما بعد هذا بمربعين. مع تحوير بعض ألفاظ منها.