للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي فذكر مثله سواء.

وقال الامام احمد ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن على بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد. قال قلت: يا رسول الله أين تنزل غدا - في حجته -؟ قال: وهل ترك لنا عقيل منزلا، ثم قال: نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بنى كنانة - يعنى المحصب - حيث قاسمت قريشا على الكفر، وذلك أن بنى كنانة حالفت قريشا على بنى هاشم أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يؤوهم - يعنى حتى يسلموا اليهم رسول الله. ثم قال عند ذلك: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» قال الزهري - والخيف - الوادي أخرجاه من حديث عبد الرزاق، وهذان الحديثان فيهما دلالة على أنه قصد النزول في المحصب مراغمة لما كان تمالئ عليه كفار قريش لما كتبوا الصحيفة في مصارمة بنى هاشم وبنى المطلب حتى يسلموا اليهم رسول الله كما قدمنا بيان ذلك في موضعه. وكذلك نزله عام الفتح فعلى هذا يكون نزوله سنّة مرغبا فيها، وهو أحد قولي العلماء. وقد قال البخاري ثنا أبو نعيم أنبأنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: إنما كان منزلا ينزله النبي ليكون أسمح لخروجه - يعنى الأبطح -. وأخرجه مسلم من حديث هشام به ورواه أبو داود عن احمد ابن حنبل عن يحيى بن سعيد عن هشام عن أبيه عن عائشة: إنما نزل رسول الله المحصّب ليكون أسمح لخروجه وليس بسنة، فمن شاء نزله ومن شاء لم ينزله. وقال البخاري حدثنا على بن عبد الله ثنا سفيان. قال قال عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال: ليس التحصيب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله . ورواه مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة وغيره عن سفيان وهو ابن عيينة به. وقال أبو داود ثنا احمد بن حنبل وعثمان بن أبى شيبة ومسدد المعنى قالوا ثنا سفيان ثنا صالح بن كيسان عن سليمان بن يسار قال قال أبو رافع: لم يأمرني يعنى رسول الله أن أنزله، ولكن ضربت (١) فيه فنزله. قال مسدد وكان على ثقل النبي وقال عثمان - يعنى الأبطح -. ورواه مسلم عن قتيبة وأبى بكر وزهير بن حرب عن سفيان بن عيينة به. والمقصود أن هؤلاء كلهم اتفقوا على نزول النبي في المحصب لما نفر من منى، ولكن اختلفوا فمنهم من قال لم يقصد نزوله وإنما نزله اتفاقا ليكون أسمح لخروجه، ومنهم من أشعر كلامه بقصده نزوله، وهذا هو الأشبه وذلك أنه أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، وكانوا قبل ذلك ينصرفون من كل وجه كما قال ابن عباس فأمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت - يعنى طواف الوداع -. فأراد أن يطوف هو ومن معه من المسلمين بالبيت طواف الوداع وقد نفر من منى قريب الزوال فلم يكن يمكنه أن يجيء البيت في بقية يومه ويطوف به ويرحل الى ظاهر مكة من جانب المدينة، لأن ذلك قد


(١) في التيمورية: ضربت قبته، والثقل: المتاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>