قال: سئل أنس هل كان رسول الله ﷺ يرفع يديه؟ فقال: قيل له يوم جمعة: يا رسول الله قحط المطر، وأجدبت الأرض، وهلك المال، قال: فرفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه فاستسقى، ولقد رفع يديه فاستسقى ولقد رفع يديه وما نرى في السماء سحابة فما قضينا الصلاة حتى أن الشاب قريب الدار ليهمه الرجوع إلى أهله،
قال: فلما كانت الجمعة التي تليها قالوا: يا رسول الله تهدمت البيوت واحتبست الركبان، فتبسم رسول الله ﷺ من سرعة ملالة ابن آدم وقال: اللهمّ حوالينا ولا علينا، قال: فتكشطت عن المدينة. وهذا إسناد ثلاثي على شرط الشيخين ولم يخرجوه * وقال البخاري وأبو داود واللفظ له: ثنا مسدد، ثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك، وعن يونس بن عبيد عن ثابت عن أنس ﵁ قال: أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله ﷺ، فبينا هو يخطب يوم جمعة إذ قام رجل فقال: يا رسول الله هلكت الكراع، هلكت الشاء، فادع الله يسقينا، فمد يده ودعا. قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة، فهاجت ريح أنشأت سحابا، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماء عزاليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا فلم تزل تمطر إلى الجمعة الأخرى،
فقام إليه ذلك الرجل أو غيره فقال: يا رسول الله تهدمت البيوت فادع الله يحبسه.
فتبسم رسول الله ﷺ ثم قال: حوالينا ولا علينا، فنظرت إلى السحاب يتصدع حول المدينة كأنه إكليل، فهذه طرق متواترة عن أنس بن مالك لأنها تفيد القطع عند أئمة هذا الشان * وقال البيهقي باسناده من غير وجه إلى أبى معمر سعيد بن أبى خيثم الهلالي عن مسلم الملائى عن أنس بن مالك قال:
جاء أعرابى فقال: يا رسول الله والله لقد أتيناك، وما لنا بعير يبسط ولا صبي يصطبح وأنشد:
أتيناك والعذراء يدمي لبانها … وقد شغلت أم الصبى عن الطفل
وألقى بكفيه الفتى لاستكانة … من الجوع ضعفا قائما وهو لا يخلى
ولا شيء مما يأكل الناس عندنا … سوى الحنظل العامىّ والعلهز الفسل
وليس لنا إلا إليك فرارنا … وأين فرار الناس إلا إلى الرّسل
قال: فقام رسول الله ﷺ وهو يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم رفع يديه نحو السماء وقال: اللهمّ اسقنا غيثا مغيثا مريئا سريعا غدقا طبقا عاجلا غير رائث، نافعا غير ضار تملأ به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيى به الأرض [بعد موتها] وكذلك تخرجون. قال: فو الله ما رد يده إلى نحره حتى ألقت السماء بأوراقها، وجاء أهل البطانة يصيحون: يا رسول الله الغرق الغرق، فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهمّ حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل فضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه ثم قال: لله درّ أبى طالب لو كان حيا قرت عيناه من ينشد قوله؟ فقام على بن أبى طالب فقال: يا رسول الله كأنك أردت قوله: