للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) أي أقلعوا عما أنتم فيه وتوبوا إلى ربكم الرحيم الودود فإنه من تاب اليه تاب عليه فإنه رحيم بعباده أرحم بهم من الوالدة بولدها ودود وهو الحبيب ولو بعد التوبة على عبده ولو من الموبقات العظام ﴿قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمّا تَقُولُ وَإِنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً﴾ روى عن ابن عباس وسعيد ابن جبير والثوري انهم قالوا كان ضرير البصر * وقد روى في حديث مرفوع أنه بكى من حب الله حتى عمى فرد الله عليه بصره. وقال يا شعيب أتبكي خوفا من النار أو من شوقك الى الجنة فقال بل من محبتك فإذا نظرت إليك فلا أبالى ماذا يصنع بى فأوحى الله اليه هنيئا لك يا شعيب لقانى فلذلك أخدمتك موسى ابن عمران كليمي * رواه الواحدي عن أبى الفتح محمد بن على الكوفي عن على بن الحسن بن بندار عن أبى عبد الله محمد بن إسحاق التربلى (١) عن هشام بن عمار عن إسماعيل بن عباس عن يحيى بن سعيد عن شداد بن أمين عن النبي بنحوه وهو غريب جدا وقد ضعفه الخطيب البغدادي * وقولهم ﴿وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ﴾ وهذا من كفرهم البليغ وعنادهم الشنيع حيث قالوا ﴿ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمّا تَقُولُ﴾ أي ما نفهمه ولا نتعقله لأنا لا نحبه ولا نريده وليس لنا همة اليه ولا إقبال عليه وهو كما قال كفار قريش لرسول الله ﴿وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ﴾ وقولهم ﴿وَإِنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً﴾ أي مضطهدا مهجورا ﴿وَلَوْلا رَهْطُكَ﴾ أي قبيلتك وعشيرتك فينا ﴿لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ * قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللهِ﴾ أي تخافون قبيلتي وعشيرتي وترعونى بسببهم ولا تخافون جنبة الله ولا تراعونى لانى رسول الله فصار رهطي أعز عليكم من الله ﴿وَاِتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾ أي جانب الله وراء ظهوركم ﴿إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾ أي هو عليم بما تعملونه وما تصنعونه محيط بذلك كله وسيجزيكم عليه يوم ترجعون اليه ﴿وَيا قَوْمِ اِعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَاِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾ وهذا أمر تهديد شديد ووعيدا كيد بان يستمروا على طريقتهم ومنهجهم وشاكلتهم فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار. ومن يحل عليه الهلاك والبوار ﴿مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ﴾ أي في هذه الحياة الدنيا ﴿وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ﴾ أي في الأخرى ﴿وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ﴾ اى منى ومنكم فيما أخبر وبشر وحذر ﴿وَاِرْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾ وهذا كقوله ﴿وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ * قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا قالَ أَوَلَوْ كُنّا كارِهِينَ * قَدِ اِفْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجّانَا اللهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا اِفْتَحْ﴾


(١) قوله التربلى وفي نسخة الرمليّ فليحرر محمود الامام

<<  <  ج: ص:  >  >>