للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاما قول ابن حبان في صحيحه ذكر السبب الّذي من أجله لبث يوسف في السجن ما لبث

أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحيّ ثنا مسدد بن مسرهد ثنا خالد بن عبد الله ثنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال قال رسول الله رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قالها ﴿اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ ما لبث في السجن ما لبث ورحم الله لوطا أن كان ليأوى الى ركن شديد إذ قال لقومه لو أن لي بكم قوة أو آوى الى ركن شديد قال فما بعث الله نبيا بعده إلا في ثروة من قومه. فإنه حديث منكر من هذا الوجه ومحمد بن عمرو بن علقمة له أشياء ينفرد بها وفيها نكارة وهذه اللفظة من أنكرها وأشدها. والّذي في الصحيحين يشهد بغلطها والله أعلم. ﴿وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ. يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ * قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ * وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاّ قَلِيلاً مِمّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ هذا كان من جملة أسباب خروج يوسف من السجن على وجه الاحترام والاكرام وذلك أن ملك مصر وهو الريان بن الوليد بن ثروان بن اراشه (١) بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح رأى هذه الرؤيا. قال أهل الكتاب رأى كأنه على حافة نهر وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان فجعلن يرتعن في روضة هناك فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر فرتعن معهن ثم ملن عليهنّ فاكلنهن فاستيقظ مذعورا. ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة وإذا سبع أخر دقاق يابسات فأكلنهن فاستيقظ مذعورا. فلما قصها على ملئه وقومه لم يكن فيهم من يحسن تعبيرها بل ﴿قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ﴾ أي أخلاط أحلام من الليل لعلها لا تعبير لها ومع هذا فلا خبرة لنا بذلك ولهذا قالوا ﴿وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ﴾ فعند ذلك تذكر الناجي منهما الّذي وصاه يوسف بأن يذكره عند ربه فنسيه الى حينه هذا. وذلك عن تقدير الله ﷿ وله الحكمة في ذلك فلما سمع رؤيا الملك ورأى عجز الناس عن تعبيرها تذكر أمر يوسف وما كان أوصاه به من التذكار. ولهذا قال تعالى ﴿وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَاِدَّكَرَ﴾ أي تذكر ﴿بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ أي بعد مدة من الزمان وهو بضع سنين وقرأ بعضهم كما حكى عن ابن عباس وعكرمة والضحاك ﴿وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ أي بعد نسيان وقرأها مجاهد ﴿بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ بإسكان الميم وهو النسيان أيضا يقال أمه الرجل يأمه أمها وأمها إذا نسي قال الشاعر.


(١) في النسخة الحلبية ابن اراثية

<<  <  ج: ص:  >  >>