للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ * فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ * النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ كان يدعوهم الى عبادة رب السموات والأرض الّذي يقول للشيء كن فيكون وهم يدعونه الى عبادة فرعون الجاهل الضال الملعون ولهذا قال لهم على سبيل الإنكار ﴿وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفّارِ﴾ ثم بين لهم بطلان ما هم عليه من عبادة ما سوى الله من الأنداد والأوثان وأنها لا تملك من نفع ولا إضرار فقال ﴿لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النّارِ﴾ أي لا تملك تصرفا ولا حكما في هذه الدار فكيف تملكه يوم القرار * وأما الله ﷿ فإنه الخالق الرازق للأبرار والفجار وهو الّذي أحيا العباد ويميتهم ويبعثهم فيدخل طائعهم الجنة وعاصيهم الى النار.

ثم توعدهم إن هم استمروا على العناد بقوله ﴿فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ﴾ قال الله ﴿فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا﴾ أي بإنكاره سلم مما أصابهم من العقوبة على كفرهم بالله ومكرهم في صدهم عن سبيل الله مما أظهروا للعامة من الخيالات والمحالات التي ألبسوا بها على عوامهم وطغامهم ولهذا قال ﴿وَحاقَ﴾ أي أحاط ﴿بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ * النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ أي تعرض أرواحهم في برزخهم صباحا ومساء على النار ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾ وقد تكلمنا على دلالة هذه الآية على عذاب القبر في التفسير ولله الحمد والمقصود أن الله تعالى لم يهلكهم إلا بعد إقامة الحجج عليهم وإرسال الرسول اليهم وازاحة الشبه عنهم وأخذ الحجة عليهم منهم فبالترهيب تارة والترغيب أخرى كما قال تعالى. ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ﴾ يخبر تعالى أنه ابتلى آل فرعون وهم قومه من القبط بالسنين وهي أعوام الجدب التي لا يستغل فيها زرع ولا ينتفع بضرع وقوله ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ﴾ وهي قلة الثمار من الأشجار ﴿لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ أي فلم ينتفعوا ولم يرعوا بل تمردوا واستمروا على كفرهم وعنادهم ﴿فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ﴾ والخصب ونحوه ﴿قالُوا لَنا هذِهِ﴾ أي هذا الّذي نستحقه وهذا الّذي يليق بنا ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ﴾ أي يقولون هذا بشؤمهم أصابنا هذا ولا يقولون في الأول انه بركتهم وحسن مجاورتهم ولكن

<<  <  ج: ص:  >  >>