للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلوبهم منكرة مستكبرة نافرة عن الحق إذا جاء الشر أسندوه اليه وإن رأوا خيرا ادعوه لأنفسهم. قال الله تعالى ﴿أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ﴾ أي الله يجزيهم على هذا أوفر الجزاء ﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾.

﴿* وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ أي مهما جئتنا به من الآيات وهي الخوارق للعادات فلسنا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نطيعك ولو جئتنا بكل آية. وهكذا أخبر الله عنهم في قوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ﴾ قال الله تعالى ﴿فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ﴾ أما الطوفان فعن ابن عباس هو كثرة الأمطار المتلفة للزروع والثمار. وبه قال سعيد بن جبير وقتادة والسدي والضحاك * وعن ابن عباس وعطاء هو كثرة الموت * وقال مجاهد الطوفان الماء والطاعون على كل حال * وعن ابن عباس أمر طاف بهم * وقد

روى بن جرير وابن مردويه من طريق يحيى بن يمان عن المنهال بن خليفة عن الحجاج عن الحكم بن مينا عن عائشة عن النبي الطوفان الموت وهو غريب * واما الجراد فمعروف * وقد

روى أبو داود عن أبى عثمان عن سلمان الفارسي قال سئل رسول الله عن الجراد فقال أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه وترك النبي أكله إنما هو على وجه التقذر له كما ترك أكل الضب وتنزه عن أكل البصل والثؤم والكراث لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن أبى أو في قال غزونا مع رسول الله سبع غزوات نأكل الجراد.

وقد تكلمنا على ما ورد فيه من الأحاديث والآثار في التفسير. والمقصود أنه استاق خضراءهم فلم يترك لهم زرعا ولا ثمارا ولا سبدا ولا لبدا. وأما القمل فعن بن عباس هو السوس الّذي يخرج من الحنطة وعنه انه الجراد الصغار الّذي لا أجنحة له. وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة. وقال سعيد بن جبير والحسن هو دواب سود صغار * وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم هي البراغيث * وحكى ابن جرير عن أهل العربية أنها الحمنان وهو صغار القردان (فرق القمقامة) فدخل معهم البيوت والفرش فلم يقر لهم قرار ولم يمكنهم معه الغمض ولا العيش. وفسره عطاء بن السائب بهذا القمل المعروف وقرأها الحسن البصري كذلك بالتخفيف. وأما الضفادع فمعروفة لبستهم حتى كانت تسقط في أطعماتهم وأوانيهم حتى إن أحدهم إذا فتح فمه لطعام أو شراب سقطت في فيه ضفدعة من تلك الضفادع. وأما الدم فكان قد مزج ماؤهم كله به فلا يستقون من النيل شيئا إلا وجدوه دما عبيطا ولا من نهر ولا بئر ولا شيء إلا كان دما في الساعة الراهنة. هذا كله لم ينل بنى إسرائيل من ذلك شيء بالكلية.

وهذا من تمام المعجزة الباهرة والحجة القاطعة أن هذا كله يحصل لهم من فعل موسى فينالهم عن آخرهم ولا يحصل هذا لأحد من بنى إسرائيل وفي هذا أدل دليل. قال محمد بن إسحاق فرجع عدو الله فرعون حين آمنت السحرة مغلوبا مفلولا ثم أبى إلا الاقامة على الكفر والتمادي في الشر

<<  <  ج: ص:  >  >>