فتابع الله عليه بالآيات فآخذه بالسنين فأرسل عليه الطوفان ثم الجراد ثم القمل ثم الضفادع ثم الدم آيات مفصلات فأرسل الطوفان وهو الماء ففاض على وجه الأرض ثم ركد. لا يقدرون على أن يخرجوا ولا أن يعلموا شيئا حتى جهدوا جوعا فلما بلغهم ذلك ﴿قالُوا يا مُوسَى اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ فدعا موسى ربه فكشفه عنهم فلما لم يفوا له بشيء فأرسل الله عليهم الجراد فأكل الشجر فيما بلغني حتى أن كان ليأكل مسامير الأبواب من الحديد حتى تقع دورهم ومساكنهم فقالوا مثل ما قالوا فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا له بشيء مما قالوا فأرسل الله عليهم القمل فذكر لي أن موسى ﵇ أمر أن يمشى الى كثيب حتى يضربه بعصاه فمشى الى كثيب أهيل عظيم فضربه بها فانثال عليهم قملا حتى غلب على البيوت والاطعمة ومنعهم النوم والقرار فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا له فدعا ربه فكشف عنهم فلما لم يفوا له بشيء مما قالوا أرسل الله عليهم الضفادع فملأت البيوت والاطعمة والآنية فلم يكشف أحد ثوبا ولا طعاما إلا وجد فيه الضفادع قد غلب عليه فلما جهدهم ذلك قالوا له مثل ما قالوا فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا بشيء مما قالوا فأرسل الله عليهم الدم فصارت مياه آل فرعون دما لا يستقون من بئر ولا نهر يغترفون من إناء إلا عاد دما عبيطا وقال زيد بن أسلم المراد بالدم الرعاف رواه ابن أبى حاتم. قال الله تعالى ﴿وَلَمّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ * فَلَمّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ﴾ يخبر تعالى عن كفرهم وعتوهم واستمرارهم على الضلال والجهل والاستكبار عن اتباع آيات الله وتصديق رسوله مع ما أيد به من الآيات العظيمة الباهرة والحجج البليغة القاهرة التي أراهم الله إياها عيانا وجعلها عليهم دليلا وبرهانا * وكلما شاهدوا آية وعاينوها وجهدهم وأضنكهم حلفوا وعاهدوا موسى لئن كشف عنهم هذه ليؤمنن به وليرسلن معه من هو من حزبه فكلما رفعت عنهم تلك الآية عادوا الى شر مما كانوا عليه وأعرضوا عما جاءهم به من الحق ولم يلتفتوا اليه فيرسل الله عليهم آية أخرى هي أشد مما كانت قبلها وأقوى فيقولون فيكذبون. ويعدون ولا يفون لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بنى إسرائيل فيكشف عنهم ذلك العذاب الوبيل. ثم يعودون الى جهلهم العريض الطويل. هذا والعظيم الحليم القدير ينظرهم ولا يعجل عليهم ويؤخرهم ويتقدم بالوعيد اليهم ثم أخذهم بعد إقامة الحجة عليهم والإنذار اليهم أخذ عزيز مقتدر فجعلهم عبرة ونكالا وسلفا لمن أشبههم من الكافرين ومثلا لمن اتعظ بهم من عباده المؤمنين كما قال ﵎ وهو أصدق القائلين في سورة حم والكتاب المبين ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ * فَلَمّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا﴾