للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حبي جهاد الظالمين. وكتب مروان إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون حسين مرصدا للفتنة، وأظن يومكم من حسين طويلا. فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء، وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق، وأهل العراق من قد جربت قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله واذكر الميثاق، فإنك متى تكدني أكدك.

فكتب اليه الحسين: أتانى كتابك وأنا بغير الّذي بلغك عنى جدير، والحسنات لا يهدى لها إلا الله، وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافا، وما أظن لي عند الله عذرا في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة.

فقال معاوية: إن أثرنا بأبي عبد الله إلا شرا. وكتب إليه معاوية أيضا في بعض ما بلغه عنه:

إني لأظن أن في رأسك نزوة فوددت أنى أدركها فأغفرها لك. قالوا: فلما احتضر معاوية دعا يزيد فأوصاه بما أوصاه به، وقال له: انظر حسين بن على بن فاطمة بنت رسول الله، فإنه أحب الناس إلى الناس، فصل رحمه، وارفق به، يصلح لك أمره، فان يكن منه شيء فانى أرجو أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه. وتوفى معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستين، وبايع الناس يزيد، فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري عامر بن لؤيّ، إلى الوليد بن عتبة بن أبى سفيان وهو على المدينة: أن ادع الناس فبايعهم، وابدأ بوجوه قريش، وليكن أول من تبدأ به الحسين بن على، فان أمير المؤمنين عهد إليّ في أمره الرّفق به واستصلاحه.

فبعث الوليد من ساعته نصف الليل إلى الحسين بن على وعبد الله بن الزبير فأخبرهما بوفاة معاوية، ودعاهما إلى البيعة ليزيد ابن معاوية، فقالا: إلى أن نصبح وننظر ما يصنع الناس، ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير وقالا: هو يزيد الّذي نعرف، والله ما حدث له عزم ولا مروءة. وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه، فقال الوليد: إن هجنا بأبي عبد الله إلا شرا.

فقال له مروان - أو بعض جلسائه - اقتله، فقال: إن ذلك لدم مضنون به مصون في بنى عبد مناف.

قالوا: وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما إلى مكة، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد، وطلب الحسين وابن الزبير فلم يوجدا، فقال المسور بن مخرمة: عجل الحسين وابن الزبير يلفته ويرجيه ليخلو بمكة، فقد ما مكة فنزل الحسين دار العباس، ولزم ابن الزبير الحجر، ولبس المعافري وجعل يحرض الناس على بنى أمية، وكان يغدو ويروح إلى الحسين ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك، وكان ابن عباس ينهاه عن ذلك، وقال له عبد الله بن مطيع:

إني فداؤك وأبى وأمى، فأمتعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق، فو الله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذونا عبيدا وخولا. قالوا: ولقيهما عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وابن أبى ربيعة بالأبواء منصرفين

<<  <  ج: ص:  >  >>