مغاض عن العوراء لا ينطقوا بها … وأصل وراثات الحلوم الأوائل
وقد كان يزيد أول من غزي مدينة قسطنطينية في سنة تسع وأربعين في قول يعقوب بن سفيان.
وقال خليفة بن خياط: سنة خمسين. ثم حج بالناس في تلك السنة بعد مرجعه من هذه الغزوة من أرض الروم.
وقد ثبت في الحديث أن رسول الله ﷺ قال:«أول جيش يغزو مدينة قيصر مغفور لهم» وهو الجيش الثاني الّذي رآه رسول الله ﷺ في منامه عند أم حرام فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال:«أنت من الأولين». يعنى جيش معاوية حين غزا قبرص، ففتحها في سنة سبع وعشرين أيام عثمان بن عفان، وكانت معهم أم حرام فماتت لك بقبرص، ثم كان أمير الجيش الثاني ابنه يزيد بن معاوية، ولم تدرك أم حرام جيش يزيد هذا. وهذا من أعظم دلائل النبوة.
وقد أورد الحافظ ابن عساكر هاهنا الحديث الّذي رواه محاضر عن الأعمش عن إبراهيم بن عبيدة عن عبد الله. أن رسول الله ﷺ قال:«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم». وكذلك رواه عبد الله بن شفيق عن أبى هريرة عن النبي ﷺ مثله. ثم أورد من طريق حماد بن سلمة عن أبى محمد عن زرارة بن أوفى قال: القرن عشرون ومائة سنة، فبعث رسول الله ﷺ في قرن وكان آخره موت يزيد بن معاوية. قال أبو بكر بن عياش: حج بالناس يزيد بن معاوية في سنة إحدى وخمسين وثنتين وخمسين وثلاث خمسين. وقال ابن أبى الدنيا: حدثنا أبو كريب ثنا رشد بن عمرو بن الحارث عن أبى بكير بن الأشج أن معاوية قال ليزيد: كيف تراك فاعلا إن وليت؟ قال: يمتع الله بك يا أمير المؤمنين، قال لتخبرني: قال، كنت والله يا أبة عاملا فيهم عمل عمر بن الخطاب. فقال معاوية: سبحان الله يا بنىّ والله لقد جهدت على سيرة عثمان بن عفان فما أطقتها فكيف بك وسيرة عمر؟ وقال الواقدي: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبى سبرة عن مروان بن أبى سعيد بن المعلى قال قال معاوية ليزيد وهو يوصيه عند الموت: يا يزيد!! اتّق الله فقد وطأت لك هذا الأمر، ووليت من ذلك ما وليت، فان يك خيرا فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به، فارفق بالناس وأغمض عما بلغك من قول تؤذى به وتنتقص به، وطأ عليه يهنك عيشك، وتصلح لك رعيتك، وإياك والمناقشة وحمل الغضب، فإنك تهلك نفسك ورعيتك، وإياك وخيرة أهل الشرف واستهانتهم والتكبر عليهم، ولن لهم لينا بحيث لا يروا منك ضعفا ولا خورا، وأوطئهم فراشك وقربهم إليك وادنهم منك، فإنهم يعلموا لك حقك، ولا تهنهم ولا تستخف بحقهم فيهينوك ويستخفوا بحقك ويقعوا فيك،