للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عم البرية بالإحسان فانقشعت … عنها الغواية والاملاق والظلم

كلتا يديه غياث عم نفعهما … يستوكفان ولا يعروهما العدم

سهل الخليقة لا تخشى بوادره … يزينه اثنتان الحلم والكرم

لا يخلف الوعد ميمون بغيبته … رحب الفناء أريب حين يعتزم

من معشر حبهم دين وبغضهم … كفر وقر بهم منجى ومعتصم

يستدفع السوء والبلوى بحبهم … ويستزاد به الإحسان والنعم

مقدم بعد ذكر الله ذكرهم … في كل حكم ومختوم به الكلم

إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم … أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم … ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت … والأسد أسد الشري والبأس محتدم

يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم … خيم كرام وأيد بالندى هضم

لا ينقص العدم بسطا من أكفهم … سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا

أي الخلائق ليست في رقابهم … لأولية هذا أوله نعم

فليس قولك من هذا بضائره … العرب تعرف من أنكرت والعجم

من يعرف الله يعرف أولية ذا … فالدين من بيت هذا ناله الأمم

قال: فغضب هشام من ذلك وأمر بحبس الفرزدق بعسفان، بين مكة والمدينة،

فلما بلغ ذلك على بن الحسين بعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، فلم يقبلها وقال: إنما قلت ما قلت لله ﷿ ونصرة للحق، وقياما بحق رسول الله في ذريته، ولست أعتاض عن ذلك بشيء.

فأرسل إليه على بن الحسين يقول: قد علم الله صدق نيتك في ذلك، وأقسمت عليك بالله لتقبلنها فتقبلها منه ثم جعل يهجو هشاما وكان مما قال فيه:

تحبسني بين المدينة والتي … إليها قلوب الناس تهوى منيبها

يقلب رأسا لم يكن رأس سيد … وعينين حولاوين باد عيوبها

وقد روينا عن على بن الحسين أنه كان إذا مرت به الجنازة يقول هذين البيتين:

نراع إذا الجنائز قابلتنا … ونلهو حين تمضى ذاهبات

كروعة ثلّة لمغار سبع … فلما غاب عادت راتعات

وروى الحافظ ابن عساكر من طريق محمد بن عبد الله المقري حدثني سفيان بن عيينة عن الزهري قال سمعت على بن الحسين سيد العابدين يحاسب نفسه ويناجي ربه: -

<<  <  ج: ص:  >  >>