وروى ابن عساكر عن الشعبي أنه قال: الحجاج مؤمن بالجبت والطاغوت، كافر بالله العظيم.
كذا قال والله أعلم. وقال الثوري عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال: عجبا لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنا؟! وقال الثوري عن ابن عوف: سمعت أبا وائل يسأل عن الحجاج أتشهد أنه من أهل النار؟ قال أتأمروني أن أشهد على (١) الله العظيم، وقال الثوري عن منصور:
سألت إبراهيم عن الحجاج أو بعض الجبابرة فقال: أليس الله يقول ﴿أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ﴾ وبه قال إبراهيم وكفى بالرجل عمى أن يعمى عن أمر الحجاج. وقال سلام بن أبى مطيع لأنا بالحجاج أرجى منى لعمرو بن عبيد، لأن الحجاج قتل الناس على الدنيا، وعمرو بن عبيد أحدث للناس بدعة شنعاء، قتل الناس بعضهم بعضا، وقال الزبير: سببت الحجاج يوما عند أبى وائل فقال:
لا تسبه لعله قال يوما اللهمّ ارحمني فيرحمه، إياك ومجالسة من يقول أرأيت أرأيت. وقال عوف:
ذكر الحجاج عند محمد بن سيرين فقال: مسكين أبو محمد، إن يعذبه الله ﷿ فبذنبه، وإن يغفر له فهنيئا له، وإن يلق الله بقلب سليم فهو خير منا، وقد أصاب الذنوب من هو خير منه.
فقيل له ما القلب السليم؟ قال: أن يعلم الله تعالى منه الحياء والايمان، وأن يعلم أن الله حق، وأن الساعة حق قائمة، وأن الله يبعث من في القبور.
وقال أبو قاسم البغوي: ثنا أبو سعيد ثنا أبو أسامة قال قال رجل لسفيان الثوري: أتشهد على الحجاج وعلى أبى مسلم الخراساني أنهما في النار؟ قال: لا! إن أقرّا بالتوحيد. وقال الرياشي: حدثنا عباس الأزرق عن السري بن يحيى قال: مر الحجاج في يوم جمعة فسمع استغاثة فقال: ما هذا؟ فقيل أهل السجون يقولون قتلنا الحر، فقال: قولوا لهم اخسئوا فيها ولا تكلمون. قال: فما عاش بعد ذلك إلا أقل من جمعة حتى قصمه الله قاصم كل جبار. وقال بعضهم: رأيته وهو يأتى الجمعة وقد كاد يهلك من العلة. وقال الأصمعي: لما مرض الحجاج أرجف الناس بموته فقال في خطبته: إن طائفة من أهل الشقاق والنفاق نزغ الشيطان بينهم فقالوا: مات الحجاج، ومات الحجاج فمه؟! فهل يرجو الحجاج الخير إلا بعد الموت؟ والله ما يسرني أن لا أموت وأن لي الدنيا وما فيها، وما رأيت الله رضى التخليد إلا لأهون خلقه عليه إبليس، قال الله له ﴿إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ فأنظره إلى يوم الدين، ولقد دعا الله العبد الصالح فقال ﴿هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ فأعطاه الله ذلك إلا البقاء، ولقد طلب العبد الصالح الموت بعد أن تم له أمره، فقال ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ﴾ فما عسى أن يكون أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، كأنى والله بكل حي منكم ميتا، وبكل رطب يابسا، ثم نقل في أثياب أكفانه ثلاثة أذرع طولا في ذراع عرضا، فأكلت الأرض لحمه، ومصت صديده،