للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مريم بنت عمران. وكذا رواه أبو يعلى في مسندة عن شيبان بن فروخ عن مسروق بن سعيد وفي رواية مسرور بن سعد. والصحيح مسرور بن سعيد التميمي أورد له ابن عدي هذا الحديث عن الأوزاعي به ثم قال وهو منكر الحديث ولم اسمع بذكره إلا في هذا الحديث. وقال ابن حبان يروى عن الأوزاعي المناكير الكثيرة التي لا يجوز الاحتجاج بمن يرويها. وقوله ﴿فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾. وهذا من تمام كلام الّذي ناداها من تحتها قال ﴿فَكُلِي وَاِشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً﴾ أي فان رأيت أحدا من الناس ﴿فَقُولِي﴾ له أي بلسان الحال والإشارة ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً﴾ أي صمتا وكان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام قاله قتادة والسدي وابن أسلم ويدل على ذلك قوله ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ فأما في شريعتنا فيكره للصائم صمت يوم إلى الليل. وقوله تعالى ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا * يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ اِمْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ ذكر كثير من السلف ممن ينقل عن أهل الكتاب أنهم لما افتقدوها من بين أظهرهم ذهبوا في طلبها فمروا على محلتها والأنوار حولها فلما واجهوها وجدوا معها ولدها فقالوا لها ﴿يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا﴾ أي امرا عظيما منكرا. وفي هذا الّذي قالوه نظر مع أنه كلام ينقض أوله آخره وذلك لأن ظاهر سياق القرآن العظيم يدل على أنها حملت بنفسها وأتت به قومها وهي تحمله * قال ابن عباس وذلك بعد ما تعلت من نفاسها بعد أربعين يوما * والمقصود أنهم لما رأوها تحمل معها ولدها ﴿قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا﴾ والفرية هي الفعلة المنكرة العظيمة من الفعال والمقال. ثم قالوا لها ﴿يا أُخْتَ هارُونَ﴾ قيل شبهوها بعابد من عباد زمانهم كانت تساميه في العبادة وكان اسمه هارون وقيل شبهوها برجل فاجر في زمانهم اسمه هارون. قاله سعيد بن جبير وقيل أرادوا بهرون أخا موسى شبهوها به في العبادة. واخطأ محمد بن كعب القرظي في زعمه أنها أخت موسى وهارون نسبا فان بينهما من الدهور الطويلة ما لا يخفى على أدنى من عنده من العلم ما يرده عن هذا القول الفظيع وكأنه غره أن في التوراة أن مريم أخت موسى وهارون ضربت بالدف يوم نجا الله موسى وقومه وأغرق فرعون وملأه فاعتقد أن هذه هي هذه وهذا في غاية البطلان والمخالفة للحديث الصحيح مع نص القرآن كما قررناه في التفسير مطولا ولله الحمد والمنة. وقد ورد الحديث الصحيح الدال على أنه قد كان لها أخ اسمه هارون وليس في ذكر قصة ولادتها وتحرير أمها لها ما يدل على أنها ليس لها أخ سواها والله أعلم.

قال الامام أحمد حدثنا عبد الله بن إدريس سمعت أبى يذكره عن سماك عن علقمة ابن وائل عن المغيرة بن شعبة قال بعثني رسول الله إلى نجران فقالوا أرأيت ما تقرءون ﴿يا أُخْتَ هارُونَ﴾ وموسى قبل عيسى بكذا وكذا قال فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله فقال (ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم) وكذا رواه مسلم والنسائي والترمذي من حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>