للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرهم؟ فقال لي: ثكلتك أمك أو ما علمت أن ولد إسماعيل تركوا دين أبيهم واتبعوا الأضداد وعظموا الأنداد ثم أقبل على القبرين وانشأ يقول:

خليلي هبّا طالما قد رقدتما … أجد كما لا تقضيان كراكما

أرى النوم بين الجلد والعظم منكما … كأنّ الّذي يسقى العقار سقاكما

أمن طول نوم لا تجيبان داعيا … كأن الّذي يسقى العقار سقاكما

ألم تعلما أنى بنجران مفردا … وما لي فيه من حبيب سواكما

مقيم على قبريكما لست بارحا … إياب الليالي أو يجيب صداكما

أبكيكما طول الحياة وما الّذي … يرد على ذي لوعة أن بكا كما

فلو جعلت نفس لنفس امرئ فدى … لجدت بنفسي أن تكون فداكما

كأنكما والموت أقرب غاية … بروحي في قبريكما قد أتاكما

قال فقال رسول الله : رحم الله قسا أما إنه سيبعث يوم القيامة امة واحدة. وهذا الحديث غريب جدا من هذا الوجه وهو مرسل الا ان يكون الحسن سمعه من الجارود والله أعلم.

وقد رواه البيهقي: والحافظ أبو القاسم ابن عساكر من وجه آخر من حديث محمد بن عيسى بن محمد ابن سعيد القرشي الاخبارى ثنا أبى ثنا على بن سليمان بن على عن على بن عبد الله عن عبد الله بن عباس . قال: قدم الجارود بن عبد الله (١) فذكر مثله أو نحوه مطولا بزيادات كثيرة في نظمه ونثره، وفيه ما ذكره عن الّذي ضل بعيره فذهب في طلبه قال فبت في واد لا آمن فيه حتفي، ولا أركن إلى غير سيفي، أرقب الكوكب، وأرمق الغيهب، حتى إذا الليل عسعس، وكاد الصبح أن يتنفس، هتف بى هاتف يقول:

يا أيها الراقد في الليل الأجم … قد بعث الله نبيا في الحرم

من هشام أهل الوفاء والكرم … يجلو دجيات الدياجي والبهم

قال فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا ولا سمعت له فحصا، قال فأنشأت أقول:

يا ايها الهاتف في داجى الظلم … أهلا وسهلا بك من طيف ألم

بيّن هداك الله في لحن الكلم … ماذا الّذي تدعو اليه يغتنم

قال فإذا أنا بنحنحة وقائلا يقول: ظهر النور، وبطل الزور، وبعث الله محمدا بالحبور، صاحب النجيب الأحمر، والتاج والمغفر، والوجه الأزهر، والحاجب الأقمر، والطرف الأحور، صاحب قول شهادة أن لا إله الا الله وذلك محمد المبعوث إلى الأسود والأبيض أهل المدر والوبر ثم أنشأ يقول:


(١) تقدم: انه الجارود بن المعلى واختلف في اسم أبيه كما في أسد الغابة وليس في آبائه عبد الله فلينظر

<<  <  ج: ص:  >  >>