الشيطان، قوله فصل وحكمه عدل يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله. فقال عبد المطلب أيها الملك - عز جدك وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك. فهذا نجارى فهل الملك سار لي بإفصاح فقد أوضح لي بعض الإيضاح. فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب والعلامات على النقب انك يا عبد المطلب لجده غير كذب، فخر عبد المطلب ساجدا فقال ارفع رأسك ثلج صدرك وعلا أمرك فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك. فقال أيها الملك كان لي ابن وكنت به معجبا وعليه رفيقا فزوجته كريمة من كرائم قومه آمنة بنت وهب فجاءت بغلام سميته محمدا فمات أبوه وأمه وكفلته انا وعمه. قال ابن ذي يزن إن الّذي قلت لك كما قلت فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فانى لست آمن ان تدخل لهم النفاسة من أن تكون لكم الرئاسة فيطلبون له الغوائل وينصبون له الحبائل فهم فاعلون أو أبناؤهم ولولا انى اعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مملكته فانى أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق ان بيثرب استحكام امره وأهل نصرته وموضع قبره ولولا انى أقيه الآفات واحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنه أمره ولأوطأت اسنان العرب عقبه، ولكنى صارف ذلك إليك عن غير تقصير بمن معك. قال ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد وعشرة إماء وبمائة من الإبل وحلتين من البرود وبخمسة أرطال من الذهب وعشرة أرطال فضة وكرش مملوء عنبرا وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال له: إذا حال الحول فأتنى فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول، فكان عبد المطلب كثيرا ما يقول لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه الى نفاد ولكن ليغبطنى بما يبقى لي ولعقبى من بعدي ذكره وفخره وشرفه، فإذا قيل له متى ذلك قال سيعلم ولو بعد حين قال وفي ذلك يقول أمية بن عبد شمس:
جلبنا النصح تحقبه المطايا … على أكوار إجمال ونوق
مقلفة مراتعها تعالى … إلى صنعاء من فج عميق (١)
تؤم بنا ابن ذي يزن وتغرى … بذات بطونها ذم الطريق
وترعى من مخايله بروقا … مواصلة الوميض الى بروق
فلما واصلت صنعاء حلت … بدار الملك والحسب العريق
وهكذا رواه الحافظ ابو نعيم في الدلائل من طريق عمرو بن بكير بن بكار القعنبي ثم قال أبو نعيم أخبرت عن أبى الحسن على بن إبراهيم بن عبد ربه بن محمد بن عبد العزيز بن عفير بن عبد العزيز بن السفر بن عفير بن زرعة بن سيف بن ذي يزن حدثني أبى أبو يزن إبراهيم حدثنا عمى احمد بن محمد ابو
(١) كذا بالأصول ولم نجد هذا الشعر في الدلائل ولا في غيره من المراجع.