للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحنف يبدلون الفاء من الثاء، كما قالوا جدف وجذف كما قال رؤبة:

لو كان أحجارى مع الأجذاف

يريد الأجداث. قال وحدثني أبو عبيدة أن العرب تقول فمّ في موضع ثمّ. قلت: ومن ذلك قول بعض المفسرين وفومها أن المراد ثومها.

وقد اختلف العلماء في تعبده قبل البعثة هل كان على شرع أم لا؟ وما ذلك الشرع فقيل شرع نوح وقيل شرع إبراهيم. وهو الأشبه الأقوى. وقيل موسى، وقيل عيسى، وقيل كل ما ثبت أنه شرع عنده اتبعه وعمل به، ولبسط هذه الأقوال ومناسباتها مواضع أخر في أصول الفقه والله أعلم.

وقوله حتى فجئه الحق وهو بغار حراء أي جاء بغتة على غير موعد كما قال تعالى ﴿وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ الآية. وقد كان نزول صدر هذه السورة الكريمة وهي ﴿اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ * اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ﴾ وهي أول ما نزل من القرآن كما قررنا ذلك في التفسير وكما سيأتي أيضا في يوم الاثنين كما ثبت

في صحيح مسلّم عن أبى قتادة أن رسول الله : سئل عن صوم يوم الاثنين؟ فقال: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم انزل على فيه» وقال ابن عباس: ولد نبيكم محمد يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين. وهكذا قال عبيد بن عمير وأبو جعفر الباقر وغير واحد من العلماء:

انه أوحى اليه يوم الاثنين، وهذا ما لا خلاف فيه بينهم.

ثم قيل: كان ذلك في شهر ربيع الأول، كما تقدم عن ابن عباس وجابر أنه ولد ، في الثاني عشر من ربيع الأول يوم الإثنين وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء، والمشهور انه بعث في شهر رمضان، كما نص على ذلك عبيد بن عمير، ومحمد بن إسحاق وغيرهما.

قال ابن إسحاق مستدلا على ذلك بما قال الله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنّاسِ﴾ فقيل في عشره.

وروى الواقدي بسنده عن أبى جعفر الباقر أنه قال: كان ابتداء الوحي إلى رسول الله يوم الاثنين، لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان وقيل في الرابع والعشرين منه.

قال الامام احمد: حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم حدثنا عمران أبو العوام عن قتادة عن أبى المليح عن واثلة بن الأسقع أن رسول الله قال: «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان» وروى ابن مردويه في تفسيره عن جابر بن عبد الله مرفوعا نحوه، ولهذا ذهب جماعة من الصحابة والتابعين، إلى أن ليلة القدر ليلة أربع وعشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>