للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطول ذكرها أيضا. والمقصود أن أبا قيس بن الاسلت مع علمه وفهمه لم ينتفع بذلك حين قدم مصعب بن عمير المدينة ودعا أهلها إلى الإسلام، فأسلم من أهلها بشر كثير ولم يبق دار - أي محلة - من دور المدينة إلا وفيها مسلم ومسلمات غير دار بنى واقف قبيلة أبى قيس ثبطهم عن الإسلام وهو القائل أيضا:

أرب الناس أشياء ألمت … يلف الصعب منها بالذلول

أرب الناس إمّا أن ضللنا … فيسرنا لمعروف السبيل

فلولا ربنا كنا يهودا … وما دين اليهود بذي شكول

ولولا ربنا كنا نصارى … مع الرهبان في جبل الجليل

ولكنا خلقنا إذ خلقنا … حنيفا ديننا عن كل جيل

نسوق الهدى ترسف مذعنات … مكشفة المناكب في الجلول

وحاصل ما يقول أنه حائر فيما وقع من الأمر الّذي قد سمعه من بعثة رسول الله فتوقف الواقفي في ذلك مع علمه ومعرفته. وكان الّذي ثبطه عن الإسلام أولا عبد الله بن أبى بن سلول بعد ما أخبره أبو قيس أنه الّذي بشر يهود فمنعه عن الإسلام.

قال ابن إسحاق: ولم يسلم إلى يوم الفتح هو وأخوه وخرج، وأنكر الزبير بن بكار أن يكون أبو قيس أسلم. وكذا الواقدي. قال: كان عزم على الإسلام أول ما دعاه رسول الله ، فلامه عبد الله بن أبى فحلف لا يسلم إلى حول فمات في ذي القعدة. وقد ذكر غيره فيما حكاه ابن الأثير في كتابه [أسد] الغابة، أنه لما حضره الموت دعاه النبي إلى الإسلام فسمع يقول: لا إله إلا الله.

وقال الامام احمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله عاد رجلا من الأنصار، فقال «يا خال قل لا إله إلا الله» فقال: أخال أم عم؟ قال بل خال قال: فخير لي أن أقول لا إله إلا الله؟ فقال رسول الله نعم! تفرد به احمد وذكر عكرمة وغيره أنه لما توفى أراد ابنه أن يتزوج امرأته كبيشة بنت معن بن عاصم، فسألت رسول الله في ذلك فانزل الله ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾ الآية.

وقال ابن إسحاق وسعيد بن يحيى الأموي في مغازيه: كان أبو قيس هذا قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح، وفارق الأوثان، واغتسل من الجنابة، وتطهر من الحائض من النساء، وهمّ بالنصرانية ثم أمسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجدا لا يدخل عليه فيه حائض ولا جنب. وقال:

أعبد إله إبراهيم حين فارق الأوثان وكرهها، حتى قدم رسول الله فأسلم فحسن إسلامه، وكان شيخا كبيرا وكان قوالا بالحق معظما لله في جاهليته يقول في ذلك أشعارا حسانا وهو الّذي يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>