النجار بركت على باب مسجده ﵇ اليوم، وكان يومئذ مربدا لغلامين يتيمين من بنى مالك ابن النجار، وهما سهل وسهيل ابنا عمرو، وكانا في حجر معاذ بن عفراء.
قلت: وقد تقدم في رواية البخاري من طريق الزهري عن عروة أنهما كانا في حجر أسعد بن زرارة والله أعلم.
وذكر موسى بن عقبة أن رسول الله ﷺ مرّ في طريقه بعبد الله بن أبىّ بن سلول وهو في بيت، فوقف رسول الله ﷺ ينتظر أن يدعوه إلى المنزل - وهو يومئذ سيد الخزرج في أنفسهم - فقال عبد الله انظر الذين دعوك فانزل عليهم فذكر ذلك رسول الله ﷺ لنفر من الأنصار فقال سعد بن عبادة يعتذر عنه: لقد من الله علينا بك يا رسول الله وإنا نريد أن نعقد على رأسه التاج ونملكه علينا.
قال موسى بن عقبة: وكانت الأنصار قد اجتمعوا قبل أن يركب رسول الله ﷺ من بنى عمرو بن عوف فمشوا حول ناقته لا يزال أحدهم ينازع صاحبه زمام الناقة شحا على كرامة رسول الله ﷺ وتعظيما له وكلما مر بدار من دور الأنصار دعوه إلى المنزل فيقول ﷺ«دعوها فإنها مأمورة فأنما أنزل حيث أنزلنى الله» فلما انتهت إلى دار أبى أيوب بركت به على الباب فنزل فدخل بيت أبى أيوب حتى ابتنى مسجده ومساكنه.
قال ابن إسحاق: لما بركت الناقة برسول الله ﷺ لم ينزل عنها حتى وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله ﷺ واضع لها زمامها لا يثنيها به، ثم التفتت خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه، ثم تحلحلت ورزمت ووضعت جرانها فنزل عنها رسول الله ﷺ. فاحتمل أبو أيوب خالد بن زيد رحله فوضعه في بيته ونزل عليه رسول الله ﷺ وسأل عن المربد لمن هو؟ فقال له معاذ بن عفراء هو يا رسول الله لسهل وسهيل ابني عمرو وهما يتيمان لي وسأرضيهما منه فاتخذه مسجدا، فأمر به رسول الله ﷺ أن يبنى ونزل رسول الله ﷺ في دار أبى أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه فعمل فيه رسول الله ﷺ والمسلمون من المهاجرين والأنصار.
وستأتي قصة بناء المسجد قريبا إن شاء الله.
وقال البيهقي في الدلائل وقال أبو عبد الله أخبرنا أبو الحسن على بن عمرو الحافظ ثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري ثنا محمد بن سليمان بن إسماعيل ابن أبى الورد ثنا إبراهيم بن صرمة ثنا يحيى بن سعيد عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس. قال: قدم رسول الله ﷺ المدينة فلما دخلنا جاء الأنصار برجالها ونسائها فقالوا: إلينا يا رسول الله. فقال «دعوا الناقة فإنها مأمورة» فبركت على باب أبى أيوب فخرجت جوار من بنى النجار يضر بن بالدفوف وهن يقلن: