للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنه قول امرىء القيس بن عابس:

فلست مبدّلا بالله ربّا، ... ولا مستبدلا بالسّلم دينا» «١» .

[واصطلاحا:]

إظهار القبول والخضوع لما أتى به محمّد صلّى الله عليه وسلّم وقيل: إظهار الشّريعة، والتزام ما أتى به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقيل: هو الاستسلام لله بالتّوحيد والانقياد له بالطّاعة والخلوص من الشّرك. وقيل: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلّا الله، وأنّ محمّدا رسول الله، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا.

وقال الكفويّ: الإسلام على نوعين:

الأوّل: دون الإيمان وهو الاعتراف باللّسان وإن لم يكفّ له اعتقاد، وبه يحقن الدّم.

الآخر: فوق الإيمان، وهو الاعتراف (أي الإقرار بالشّهادتين) . مع الاعتقاد بالقلب والوفاء بالفعل» .

الفرق بين الإسلام والإيمان*:

قال الغزاليّ- رحمه الله-: اختلفوا في أنّ الإسلام هو الإيمان أو غيره وإن كان غيره، فهل هو منفصل عنه يوجد دونه، أو مرتبط به يلازمه؟. فقيل:

إنّهما شيء واحد، وقيل: إنّهما شيئان لا يتواصلان، وقيل: إنّهما شيئان، ولكن يرتبط أحدهما بالآخر.

والحقّ أنّ في هذا ثلاثة مباحث:

بحث عن موجب اللّفظين في اللّغة، وبحث عن المراد بهما في إطلاق الشّرع، وبحث عن حكمهما في الدّنيا والآخرة.

المبحث الأوّل لغويّ والثّاني تفسيريّ، والثّالث فقهيّ شرعيّ. المبحث الأوّل: في موجب اللّغة، والحقّ فيه أنّ الإيمان عبارة عن التّصديق. قال الله تعالى: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا (يوسف/ ١٧) أي بمصدّق، والإسلام عبارة عن التّسليم، والاستسلام بالإذعان والانقياد وترك التمّرّد والإباء والعناد، وللتّصديق محلّ خاصّ وهو القلب، واللّسان ترجمان.

وأمّا التّسليم؛ فإنّه عامّ في القلب واللّسان والجوارح، فإنّ كلّ تصديق بالقلب هو تسليم وترك الإباء والجحود وكذلك الاعتراف باللّسان، وكذلك الطّاعة والانقياد بالجوارح. فموجب اللّغة أنّ الإسلام أعمّ، والإيمان أخصّ، فكان الإيمان عبارة عن أشرف أجزاء الإسلام، فإذن كلّ تصديق تسليم، وليس كلّ تسليم تصديقا.

المبحث الثّاني: عن إطلاق الشّرع، والحقّ فيه أنّ الشّرع قد ورد باستعمالهما على سبيل التّرادف، وقد ورد أيضا باستعمالهما على سبيل الاختلاف والتّداخل، أمّا التّرادف ففي قوله تعالى: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (الذاريات/ ٣٥- ٣٦) ، وقال صلّى الله عليه وسلّم «بني الإسلام على خمس ... » . وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مرّة عن


(١) الصحاح للجوهري (٥/ ١٩٥٠) . ولسان العرب (١٢/ ٢٩٣ ٢٩٥) .
(٢) الكليات للكفوي (١١٢) .
* انظر: صفة الإيمان.