للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يمهل ولا يهمل:]

«فعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-؛ قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور «١» بالأمس. فقال أبو جهل: أيّكم يقوم إلى سلا «٢» جزور بني فلان فيأخذه، فيضعه في كتفي محمّد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم «٣» فأخذه. فلمّا سجد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وضعه بين كتفيه.

قال: فاستضحكوا «٤» . وجعل بعضهم يميل على بعض. وأنا قائم أنظر. لو كانت لي منعة «٥» طرحته عن ظهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ساجد، ما يرفع رأسه. حتّى انطلق إنسان فأخبر فاطمة. فجاءت، وهي جويرية «٦» ، فطرحته عنه. ثمّ أقبلت عليهم تشتمهم «٧» . فلمّا قضى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم صلاته رفع صوته ثمّ دعا عليهم. وكان إذا دعا، دعا ثلاثا. وإذا سأل، سأل «٨» ثلاثا. ثمّ قال: «اللهمّ عليك بقريش» ثلاث مرّات. فلمّا سمعوا صوته ذهب عنهم الضّحك. وخافوا دعوته. ثمّ قال: «اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة»

، وأميّة بن خلف، وعقبة بن أبي معيط (وذكر السّابع ولم أحفظه) فو الّذي بعث محمّدا صلّى الله عليه وسلّم بالحقّ لقد رأيت الّذين سمّى صرعى يوم بدر. ثمّ سحبوا إلى القليب، قليب بدر «١٠» . قال أبو إسحاق: الوليد بن عقبة غلط في هذا الحديث» «١١» .

[دعوة وهداية:]

عن أبي هريرة- رضي الله عنه-؛ قال: كنت أدعو أمّي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أكره. فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أبكي. قلت: يا رسول الله إنّي كنت أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبى


(١) جزور: أي ناقة.
(٢) سلا: هو اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان. وهي من الآدمية المشيمة.
(٣) فانبعث أشقى القوم: أي بعثته نفسه الخبيثة من دونهم فأسرع السير. وهو عقبة بن أبي معيط، كما صرح به في الرواية الثانية.
(٤) فاستضحكوا: أي حملوا أنفسهم على الضحك والسخرية. ثمّ أخذهم الضحك جدا، فجعلوا يضحكون ويميل بعضهم على بعض من كثرة الضحك.
(٥) لو كانت لي منعة: هي بفتح النون، وحكي إسكانها، وهو شاذ ضعيف. ومعناه لو كان لي قوة تمنع أذاهم، أو كان لي عشيرة بمكة تمنعني.
(٦) جويرية: هو تصغير جارية، بمعنى شابة. يعني أنها إذ ذاك ليست بكبيرة.
(٧) تشتمهم: الشتم وصف الرجل بما فيه إزراء ونقص.
(٨) وإذا سأل: هو الدعاء. لكن عطفه لاختلاف اللفظ، توكيدا.
(٩) والوليد بن عقبة: هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم: والوليد بن عقبة. واتفق العلماء على أنه غلط وصوابه والوليد بن عتبة. كما ذكره مسلم في رواية أبي بكر بن أبي شيبة، بعد هذا.
(١٠) ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر: القليب هي البئر التي لم تطو. وإنما وضعوا في القليب تحقيرا لهم، ولئلا يتأذى الناس برائحتهم. وليس هو دفنا، لأن الحربي لا يجب دفنه.
(١١) رواه مسلم برقم (١٧٩٤) .