للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأبرار، والمصدر البرّ. وتبارّوا، تفاعلوا: من البرّ، وفي حديث الاعتكاف: «آلبرّ يردن» ، أي الطّاعة والعبادة، ومنه الحديث: «ليس من البرّ الصّيام في السّفر» . وفي كتاب قريش والأنصار: وإنّ البرّ دون الإثم أي أنّ الوفاء بما جعل على نفسه دون الغدر والنّكث. وبرّت يمينه: صدقت. وأبرّها: أمضاها على الصّدق. والبرّ:

الصّادق «١» .

[البر اصطلاحا:]

وقد اختلف العلماء في تفسير البرّ فقال بعضهم: البرّ الصّلاح، وقال بعضهم: البرّ الخير، قال ابن منظور: ولا أعلم تفسيرا أجمع منه؛ لأنّه يحيط بجميع ما قالوا، قال: وجعل لبيد البرّ التّقى حيث يقول:

وما البرّ إلّا مضمرات من التّقى.

قال أبو منصور: البرّ خير الدّنيا والاخرة فخير الدّنيا ما ييسّره الله تعالى للعبد من الهدى والنّعمة والخيرات، وخير الاخرة الفوز بالنّعيم الدّائم في الجنّة، جمع الله لنا بينهما بكرمه ورحمته «٢» .

قال ابن الأثير في أسماء الله تعالى (البرّ) وهو العطوف على عباده ببرّه ولطفه «٣» .

والأبرار معناها المتّقون «٤» .

مسمّى البرّ وعلاقته بالإيمان:

قال الإمام ابن تيميّة: لفظ البرّ إذا أطلق تناول جميع ما أمر الله به كما في قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (الانفطار/ ١٣) ، وقوله سبحانه: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى (البقرة/ ١٨٩) ، وأيضا فإنّ البرّ إذا أطلق كان مسمّاه مسمّى التّقوى، والتّقوى إذا أطلقت كان مسمّاها مسمّى البرّ ثمّ قد يجمع بينهما كما في قوله تعالى:

وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى «٥» (المائدة/ ٢) ، فعطف التّقوى على البرّ، وعطف الشّيء على الشّيء في القرآن الكريم وسائر الكلام يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع اشتراكهما في الحكم الّذي ذكر لهما «٦» ، وقد يكون مسمّاه إذا أطلق هو مسمّى الإيمان فقد روي أنّهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الاية لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (البقرة/ ١٧٧) ، وقد فسّر البرّ بالإيمان،


(١) انظر: الصحاح للجوهري (٢/ ٥٨٨) والنهاية لابن الأثير (١/ ١١٦) . ولسان العرب لابن منظور (٤/ ٥١- ٥٤) .
(٢) النهاية لابن الأثير (١/ ١١٦)
(٣) انظر النهاية لابن الأثير (١/ ١١٦) .
(٤) كشاف اصطلاحات الفنون (١/ ١٧١) .
(٥) الفتاوى ٧/ ١٦٥.
(٦) الفتاوى ٧/ ١٧٢ وقد ذكر هنا أنواع المغايرة، وذكر أن أعلاها التباين، وأدناها عطف الشيء على الشيء لاختلاف الصفتين ويقع بينهما عطف الشيء على لازمه وعطف الجزء على الكل.