كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

٣ - شفاعة عظمى وشفاعات: - ٣ - شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب: - ج: 1 - ص: 478

يكن هؤلاء مهاجري أمّتي. قال: إذن أكملهم لك من الأعراب» «١» .

- وعن أبي أمامة- رضي الله عنه-؛ قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الله عزّ وجلّ وعدني أن يدخل من أمّتي الجنّة سبعين ألفا بغير حساب. فقال يزيد بن الأخنس السّلميّ: والله ما أولئك إلّا كالذّباب الأصهب في الذبّان. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كان ربّي عزّ وجلّ قد وعدني سبعين ألفا مع كلّ ألف سبعون ألفا وزادني ثلاث حثيات ... » «٢» .

٣- شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب:

كان أبو طالب يحوط ابن أخيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وينصره ويقوم في صفّه ويبالغ في إكرامه والذّبّ عنه، ويحبّه حبّا شديدا طبعيّا لا شرعيّا، فلمّا حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الإيمان والدّخول في الإسلام، فسبق القدر فيه فاستمرّ على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة البالغة. ونظرا لما قام به من أعمال جليلة مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جوزي على ذلك بتخفيف العذاب خصوصيّة له من عموم الكفّار الّذين لا تنفعهم شفاعة الشّافعين.

وذلك إكراما وتطييبا لقلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

- قال الحافظ ابن حجر ما معناه: الشّفاعة لأبي طالب معدودة في خصائص النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «٣» .

وقد وردت الأحاديث تنصّ على هذه الشّفاعة:

- فعن العبّاس بن عبد المطّلب- رضي الله عنه-؛ أنّه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنّه كان يحوطك «٤» ويغضب لك؟ قال: «نعم، هو في ضحضاح «٥» من نار، ولولا أنا لكان في الدّرك «٦» الأسفل من النّار» «٧» .

---

(١) رواه الإمام أحمد في مسنده (٢/ ٣٥٩) ، قال الحافظ ابن حجر: وسنده جيد- انظر فتح الباري (١١/ ٤١٨) ، وقال الحافظ الهيثمي: رواه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح- انظر مجمع الزوائد (١٠/ ٤٠٤) .
(٢) رواه الترمذي مختصرا برقم (٢٤٣٧) وقال: هذا حديث حسن غريب، ورواه ابن ماجة مختصرا برقم (٤٢٨٦) . ورواه الإمام أحمد في مسنده. وهذا قطعة منه (٥/ ٢٥٠) . قال الحافظ ابن كثير: إسناده حسن- انظر تفسير ابن كثير (١/ ٤٠٢) . وقال الحافظ الهيثمي عن الحديث: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وعند الترمذي وابن ماجه بعضه- انظر مجمع الزوائد (١٠/ ٣٦٢، ٣٦٣) .
(٣) انظر فتح الباري (١١/ ٤٣٩) .
(٤) يحوطك: قال أهل اللغة: يقال حاطه يحوطه حوطا وحياطة، إذا صانه وحفظه وذب عنه وتوفر على مصالحه- انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٣/ ٨٤) .
(٥) ضحضاح: ما رق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين، واستعير في النار- انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٣/ ٨٤) .
(٦) الدرك: بفتح الراء وإسكانها لغتان فصيحتان. والدرك الأسفل: قعر جهنم وأقصى أسفلها. ولجهنم أدراك فكل طبقة من أطباقها تسمى دركا- انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٣/ ٨٥) وعزا ذلك المعنى إلى جماهير المفسرين وأهل اللغة والمعاني والغريب.
(٧) رواه مسلم برقم (٢٠٩) .