للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً «١» .

أما إذا ركن الناس إلى الأخلاق المنحلة، والفوضى والعصيان فإن الجزاء عبر عنه القرآن بقوله تعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ «٢» .

[- الهداية والرشاد:]

إن الأمر لا يقتصر على ما سبق من جزاءات مادية، أو جزاءات جماعية، فالجزاء الإلهي في الدنيا يمتد إلى هداية المؤمنين، وهداية قلوبهم، ويبدد ظلماتهم، ويوصلهم إلى النور، ويرشدهم إلى الطريق المستقيمة، ويمنحهم القوة على تمييز الحق من الباطل والخير من الشر، ويصلح نواياهم، ويزيدهم نورا، ويهدي خطاهم على دروب مستقيمة، وينزل في قلوبهم الطمأنينة والسكينة.

أما الظالمون فيحدث لهم عكس ما يحدث للمؤمنين المتمسكين بالفضيلة. وكذلك المؤمنون إذا ما غيروا مواقفهم فإن ذلك يؤدي إلى سحب النعم الممنوحة لهم ليصبحوا كالظالمين تماما.

[- رضا الله تعالى وحبه:]

وهذا نوع من الجزاء العظيم، وهذا هو الهدف الأسمى الصالح للحصول عليه، حيث يسعى المسلم من خلال سلوكه إلى التمثل بالصفات المستحسنة عند الله، فهو من المحسنين والمقسطين، والصابرين، والمتقين، والمتطهرين، والمتوكلين، ومحبيه، الذين يقاتلون في سبيله، إن المسلم كلما وقف موقفا يحترم فيه أوامر الله تعالى كلما اقترب من رضاه ورحمته، وفي نفس الوقت كلما وقف موقفا لا يحترم فيه أوامر الله تعالى اقترب من سخط الله وعدم حبه.

٢- الجزاء الإلهي في الآجلة: (الحياة الأخرى) :

لا يقتصر الجزاء الإلهي على الجزاءات الدنيوية والتي سبق بيانها، بل إن الجزاء الإلهي يمتد إلى الآخرة فهناك عودة للعدالة الإلهية، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ «٣» . أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً «٤» .

ومن ثم نجد تفرقة واضحة بين المؤمنين الصالحين، والظالمين، فلكل منهم جزاؤهم في الآخرة، مما يجعل العمل الدنيوي مرتبطا أيضا بالجزاء الأخروي: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ

«٥» . أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ


(١) النور: ٥٥.
(٢) محمد: ٣٨.
(٣) المؤمنون: ١١٥.
(٤) القيامة: ٣٦.
(٥) الجاثية: ٢١.