للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (الردة)

١-* (عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه- قال: أشرف عثمان بن عفّان يوم الدّار فقال: أنشدكم بالله أتعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحلّ دم امرىء إلّا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، أو ارتداد بعد إسلام، أو قتل نفسا بغير حقّ فقتل به» . ثمّ قال: فو الله ما زنيت في جاهليّة ولا في إسلام، ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا قتلت النّفس الّتي حرّم الله، فبم تقتلونني؟) * «١» .

٢-* (عن عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: إنّ أبا سفيان بن حرب أخبره أنّ هرقل أرسل إليه في ركب «٢» من قريش، وكانوا تجّارا بالشّام في المدّة الّتي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مادّ فيها «٣» أبا سفيان وكفّار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الرّوم، ثمّ دعاه ودعا بترجمانه فقال: أيّكم أقرب نسبا بهذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيّ؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا. فقال: أدنوه منّي، وقرّبوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره. ثمّ قال لترجمانه: قل لهم إنّي سائل هذا الرّجل فإن كذبني فكذّبوه، فو الله لولا الحياء من أن يأثروا عليّ كذبا لكذبت عنه. ثمّ كان أوّل ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قطّ قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف النّاس يتّبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم.

قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال:

فهل يرتدّ أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟

قلت: لا. قال: فهل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدّة «٤» لا ندري ما هو فاعل فيها. قال:

ولم تمكنّي كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة. قال:

فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إيّاه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال؛ ينال منّا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا بالصّلاة والصّدق والعفاف والصّلة. فقال للتّرجمان:

قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنّه فيكم ذو نسب، فكذلك الرّسل تبعث في نسب قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت أن لا. فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي «٥» بقول قيل قبله. وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟

فذكرت أن لا. قلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت:

رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك: هل كنتم تتّهمونه


(١) النسائي (٧/ ٩٢) . والترمذي (٢١٥٨) . واللفظ له وأبو داود (٤٣٥٣) . وقال محقق جامع الأصول: إسناده صحيح (١٠/ ٢١٥) وله شواهد كثيرة من طريق ابن مسعود وعائشة وابن عباس في الصحيحين وغيرهما.
(٢) ركب من قريش: الركب: جماعة المسافرين.
(٣) مادّ فيها ... إلخ: عاهده على ترك الحرب مدة وقدرها عشر سنوات وذلك معروف باسم صلح الحديبية.
(٤) في مدة: في هدنة.
(٥) يأتسي: يتخذ غيره أسوة. والأسوة: القدوة.