كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم

النوع الرابع ما اختص به عن أمته من الفضائل والكرامات - ٥ - أجر تطوعه قاعدا كتطوعه قائما: - ج: 1 - ص: 515

- وعن أبي هريرة- رضي الله عنه-؛ قال: صلّى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما. ثمّ انصرف فقال: يا فلان ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلّي إذا صلّى كيف يصلّي؟ فإنّما يصلّي لنفسه. إنّي والله لأبصر من ورائي «١» كما أبصر من بين يديّ» «٢» .

- وعنه- رضي الله عنه-؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «هل ترون قبلتي ههنا؟ فو الله ما يخفى عليّ ركوعكم ولا سجودكم. إنّي لأراكم وراء ظهري» «٣» .

٥- أجر تطوّعه قاعدا كتطوّعه قائما:

شرعت صلاة النّافلة لحكم عظيمة وأسرار منها زيادة الحسنات ورفعة الدّرجات، فعن ربيعة بن كعب الأسلميّ خادم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ قال: «كنت أبيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال: «سلني» .

قلت: أسألك مرافقتك في الجنّة، فقال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك. قال: «فأعنّي على نفسك بكثرة السّجود» «٤» .

ومنها جبر وإكمال الفريضة إن نقصت.

- فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئا، قال الرّبّ- عزّ وجلّ-: انظروا هل لعبدي من تطوّع فيكمّل بها ما انتقص من الفريضة ثمّ تكون سائر أعماله على هذا» «٥» .

هذا ولصلاة النّافلة آداب وأحكام منها:

---

(١) لأبصر من ورائي: قال النووي- رحمه الله-: قال العلماء: معناه أن الله تعالى خلق له صلى عليه وسلم إدراكا في قفاه يبصر به من ورائه. وقد انخرقت العادة له صلى عليه وسلم بأكثر من هذا. وليس يمنع من هذا عقل ولا شرع بل ورد الشرع بظاهره فوجب القول به. قال القاضي: قال أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وجمهور العلماء على أن هذه الرؤية رؤية بالعين الحقيقية. انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٤٩- ١٥٠) .
(٢) رواه مسلم برقم (٤٢٣) .
(٣) رواه البخاري- انظر الفتح ٢ (٧٤١) . ومسلم برقم (٤٢٤) .
(٤) رواه مسلم برقم (٤٨٩) .
(٥) رواه أبو داود برقم (٨٦٤) ، والترمذي برقم (٤١٣) وقال: حديث حسن. والنسائي (١/ ٢٣٢) . وابن ماجه برقم (١٤٢٥) . والحاكم في المستدرك (١/ ٢٦٢) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. قال الشوكاني: وأخرجه النسائي من طريق إسنادها جيد، ورجالها رجال الصحيح كما قال العراقي وصححها ابن القطان- انظر نيل الأوطار (١/ ٣٤٥) . ونقل ابن علان عن الحافظ ابن حجر تصحيحه للحديث. انظر دليل الفالحين (٣/ ٥٨١) .