للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالخير والحق، والدعوة إليهما، والتنبيه إلى الشر والضرر والنهي عنهما، هو من صميم الأساليب التربوية الإسلامية لتنمية القيم والأخلاق الإسلامية في نفس المسلم، وفي الحديث الشريف أن أبا ذر لما بلغه مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاسمع من قوله، فرجع فقال: «رأيته يأمر بمكارم الأخلاق» «١» .

ولما كانت هذه الوسيلة من أهم الوسائل التربوية التي حث عليها القرآن الكريم والتي يتحقق بها الهدف من التربية، لأنها تقوم بصيانة الحياة من الشر والفساد وفي هذه الطريقة يتحقق المبدأ الديمقراطي في التربية.

ج- ضرب الأمثال:

الأمثال «تبرز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس فيتقبله العقل، لأن المعاني المعقولة لا تستقر في الذهن، إلا إذا صيغت في صورة حية قريبة الفهم، وتكشف الأمثال عن الحقائق وتعرض الغائب في معرض الحاضر، وتجمع الأمثال المعنى الرائع في عبارة موجزة.

والأمثال كثيرة في القرآن، وهي تلعب دورا هاما وبالغا، في التأثير في العواطف، وفي التأثير في السلوك الإنساني، وفي غرس القيم الاسلامية في نفس المسلم، فيما لو استعملت بحكمة، وفي الظروف المناسبة، ولذلك أبرزها القرآن، واهتم بضرب الأمثال وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ «٢» ، وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «٣» .

كما تضرب الأمثال لتربية الإنسان تربية روحية وخلقية- ففي الحديث الشريف عن أبي موسى- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة، ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب، ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر، ولا ريح لها» «٤» .

وفي الحديث الشريف أيضا «إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين» «٥» .


(١) صحيح البخاري، كتاب الأدب، الجزء الثامن، ص ١٦.
(٢) العنكبوت، الآية (٤٣) .
(٣) الحشر، الآية (٢١) .
(٤) رواه البخاري رقم (٥٠٢٠) ومسلم رقم (٧٩٧) والترمذي رقم (٢٨٦٩) والنسائي (٨/ ١٢٤. ١٢٥) وأبو داود رقم (٤٨٣٠) وانظر: «جامع الأصول» (٢/ ٤٥٣) .
(٥) صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، الجزء التاسع، ص ١١٥.