للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سبحانه: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (الأعراف/ ١٩٩) .

الإعراض عن اللّغو: قال تعالى: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ (القصص/ ٥٥) .

[حكم الإعراض:]

الإعراض عن الحقّ عدّه الإمام ابن حجر من الكبائر وهي من كبائر الباطن الّتي يذمّ العبد عليها أعظم ممّا يذمّ على السّرقة والزّنا ونحوها من كبائر البدن وذلك لعظم مفسدتها، وسوء أثرها ودوامه «١» .

[عقوبة الإعراض في الدنيا والآخرة:]

قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى- في معنى قول الله تعالى في آخر سورة طه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (طه/ ١٢٤) : أخبر الله أنّ من أعرض عن ذكره وهو الهدى الّذي من اتّبعه لا يضلّ ولا يشقى بأنّ له معيشة ضنكا. أي عذاب القبر، وهذا عذاب البرزخ، وكذلك يترك في العذاب وينسى فيه كما ترك العمل بالآيات. وهذا عذاب دار البوار، وله الضّنك والضّيق في الحياة الدّنيا كذلك، ومثله قوله تعالى:

وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ* وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (الزخرف/ ٣٦- ٣٧) ، فأخبر سبحانه في هذه الآية أنّ من ابتلاه بقرينه من الشّياطين، وضلاله به، إنّما كان بسبب إعراضه وعشوه عن ذكره الّذي أنزله على رسوله، فكان عقوبة هذا الإعراض أن قيّض له شيطانا يقارنه فيصدّه عن سبيل ربّه وطريق فلاحه، وهو يحسب أنّه مهتد. حتّى إذا وافى ربّه يوم القيامة مع قرينه. وعاين هلاكه وإفلاسه قال: يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (الزخرف/ ٣٨) وكلّ من أعرض عن الاهتداء بالوحي الّذي هو ذكر الله فلا بدّ أن يقول هذا يوم القيامة، وهؤلاء لا عذر لهم يوم القيامة لأنّ ضلالهم منشؤه الإعراض عن الوحي الّذي جاء به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ولو ظنّ أنّه مهتد فإنّه مفرّط بإعراضه عن اتّباع داعي الهدى، فإذا ضلّ فإنّما أتي من تفريطه وإعراضه «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: الهجر- ترك الصلاة- الفجور- الفسق- هجر القرآن- اتباع الهوى- المجاهرة بالمعصية- الإصرار على الذنب.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الذكر- التبتل التقوي- الخشية- الخوف- الضراعة والتضرع- الابتهال- الدعاء- تلاوة القرآن- تعظيم الحرمات] .


(١) انظر تفصيل ذلك فى الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي (ص ٩٩) .
(٢) مفتاح دار السعادة ط. دار الكتب العلمية. (٤٢- ٤٤) بتصرف.