للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حرف الهاء]

[الهجرة]

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٢١/ ٤٠/ ٩

[الهجرة لغة:]

الهجرة هي الاسم من الهجر أو الهجران، وهي مأخوذة من مادّة (هـ ج ر) الّتي تدلّ على معنيين:

الأوّل: القطيعة، والآخر: شدّ شيء وربطه «١» . فمن الأوّل؛ أخذ الهجر ضدّ الوصل وكذلك الهجران، وقولهم: هاجر القوم من دار إلى دار: تركوا الأولى للثّانية، كما فعل المهاجرون حين هاجروا من مكّة إلى المدينة، وقال الرّاغب: المهاجرة في الأصل: مصارمة الغير ومتاركته، من قوله- عزّ وجلّ- وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا (البقرة/ ٢١٨) . والهجر والهجران مفارقة الإنسان غيره، إمّا بالبدن أو باللّسان أو بالقلب قال تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ (النساء/ ٣٤) وهذا كناية عن عدم قربهنّ (مفارقة بالبدن) وقوله سبحانه: إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (الفرقان/ ٣٠) فهذا هجر بالقلب واللّسان، أمّا قوله- عزّ وجلّ- وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (المزمل/ ١٠) فيحتمل الثّلاثة، وقوله سبحانه: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (المدّثّر/ ٥) حثّ على المفارقة بالوجوه كلّها.

وقال الجوهريّ: الهجر ضدّ الوصل، والمهاجرة من أرض إلى أرض، ترك الأولى للثّانية، والتّهاجر:

التّقاطع، والهجر أيضا: الهذيان، يقال من ذلك هجر المريض يهجر هجرا، فهو هاجر، والكلام مهجور، والهجر بالضّمّ: الاسم من الإهجار، وهو الإفحاش في المنطق، والخنا.

وقال ابن منظور: الهجرة والهجرة: الخروج من أرض إلى أرض. والمهاجرون: الّذين ذهبوا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، مشتقّ منه.

ويقال: هجره يهجره هجرا وهجرانا: صرمه.

وهما يهتجران ويتهاجران، والاسم الهجرة.

وتهجّر فلان أي تشبّه بالمهاجرين.

وقال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-: هاجروا ولا تهجّروا، قال أبو عبيد: يقول أخلصوا الهجرة لله ولا تشبّهوا بالمهاجرين على غير صحّة منكم. فهذا هو التّهجّر، وهو كقولك فلان يتحلّم وليس بحليم، ويتشجّع أي أنّه يظهر ذلك وليس فيه، قال الأزهريّ: وأصل المهاجرة عند العرب خروج


(١) ذكر ذلك ابن فارس ولم يذكر له مثالا، ويبدو أن المقصود بذلك قولهم: حبل هجار للذي يشد به الفحل، وفحل مهجور أي مربوط به، وقد أرجع الراغب هذا المعنى الثاني إلى الأول فقال: والهجار حبل يشد به الفحل فيصير سببا لهجرانه الإبل. انظر المفردات للراغب ص (٥٣٧) ، ومقاييس اللغة لابن فارس (٦/ ٣٤) .