للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم الربا:]

وكلّ من هذه الأنواع الأربعة حرام بالإجماع بنصّ الآيات والأحاديث، وكلّ ما جاء في الرّبا من الوعيد شامل للأنواع الأربعة، نعم بعضها معقول المعنى وبعضها تعبّديّ، وربا النّسيئة هو الّذي كان مشهورا في الجاهليّة، لأنّ الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجل على أن يأخذ منه كلّ شهر قدرا معيّنا ورأس المال باق بحاله، فإذا حلّ طالبه برأس ماله، فإن تعذّر عليه الأداء زاد في الحقّ والأجل.

وتسمية هذا نسيئة مع أنّه صدق عليه ربا الفضل أيضا؛ لأنّ النّسيئة هي المقصودة فيه بالذّات، وهذا النّوع مشهور الآن بين النّاس، وواقع كثيرا «١» .

قال شيخ الإسلام ابن تيميّة: المراباة حرام بالكتاب والسّنّة، والإجماع. وقد لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«آكل الرّبا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه. والمحلّل، والمحلّل له» .

وإن كان أصل الرّبا في الجاهليّة: أنّ الرّجل يكون له على الرّجل المال المؤجّل. فإذا حلّ الأجل قال له: أتقضي؟ أم تربى؟ فإن وفّاه وإلّا زاد هذا في الأجل وزاد هذا في المال. فيتضاعف المال والأصل واحد. وهذا الرّبا حرام بإجماع المسلمين.

وأمّا إذا كان هذا هو المقصود ولكن توسّلوا بمعاملة أخرى؛ فهذا تنازع فيه المتأخّرون من المسلمين، وأمّا الصّحابة فلم يكن بينهم نزاع أنّ هذا محرّم، فإنّما الأعمال بالنّيّات، والآثار عنهم بذلك كثيرة مشهورة.

والله تعالى حرّم الرّبا لما فيه من ضرر المحتاجين، وأكل المال بالباطل، وهو موجود في المعاملات الرّبويّة. وأمّا إذا حلّ الدّين وكان الغريم معسرا: لم يجز بإجماع المسلمين أن يقلب بالقلب لا بمعاملة ولا غيرها؛ بل يجب إنظاره، وإن كان موسرا كان عليه الوفاء، فلا حاجة إلى القلب لا مع يساره، ولا مع إعساره.

والواجب على ولاة الأمور بعد تعزير المتعاملين بالمعاملة الرّبويّة: أن يأمروا المدين بأن يؤدّي رأس المال. ويسقطوا الزّيادة الرّبويّة. فإن كان معسرا وله مغلّات يوفّي منها وفّي دينه منها بحسب الإمكان «٢» .

وقال ابن حجر: عدّ الرّبا كبيرة هو ما أطبقوا عليه اتّباعا لما جاء في الأحاديث الصّحيحة من تسميته كبيرة، بل هو من أكبر الكبائر وأعظمها «٣» .

[للاستزادة: انظر صفات: أكل الحرام- التطفيف- السرقة- الغلول- المكر- سوء المعاملة- التناجش- الغش- الخداع- الخبث.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: أكل الطيبات- الصلاح- النزاهة- حسن المعاملة- النبل- المروءة- العفة] .


(١) الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي (٢٩٩)
(٢) الفتاوى الكبرى (٢٩/ ٤١٨- ٤١٩) .
(٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر (٣٠٩) .