للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّفل وأبا بكر فوق البيت يقرأ. فقالت أمّي: ما جاء بك يا بنيّة؟ فأخبرتها وذكرت لها الحديث وإذا هو لم يبلغ منها مثل ما بلغ منّي. فقالت: يا بنيّة، خفّضي عليك الشّأن، فإنّه والله لقلّما كانت امرأة قطّ حسناء عند رجل يحبّها لها ضرائر إلّا حسدنها وقيل فيها. وإذا هو لم يبلغ منها ما بلغ منّي. قلت: وقد علم به أبي؟

قالت: نعم. قلت: ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قالت: نعم ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم. واستعبرت وبكيت، فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ، فنزل فقال لأمّي: ما شأنها؟ قالت: بلغها الّذي ذكر من شأنها، ففاضت عيناه. قال: «أقسمت عليك أي بنيّة إلّا رجعت إلى بيتك فرجعت» ) * «١» .

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (حفظ الأيمان)

١٧-* (عن جابر بن سمرة- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده. وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده.

والّذي نفسي بيده، لتنفقنّ كنوزهما في سبيل الله» ) * «٢» .

١٨-* (عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال: آلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من نسائه شهرا، وكانت انفكّت قدمه، فجلس في علّيّة له فجاء عمر فقال: أطلّقت نساءك؟ قال: «لا، ولكنّي آليت منهنّ شهرا» . فمكث تسعا وعشرين، ثمّ نزل فدخل على نسائه) * «٣» .

١٩-* (عن أبي هريرة وزيد بن خالد- رضي الله عنهما- أنّ رجلين اختصما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال أحدهما: اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر- وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله، فاقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي أن أتكلّم. قال: «تكلّم» ، قال: إنّ ابني كان عسيفا على هذا- قال مالك «٤» : والعسيف: الأجير- زنى بامرأته، فأخبروني أنّ علي ابني الرّجم، فافتديت منه بمائتي شاة وجارية لي. ثمّ إنّي سألت أهل العلم فأخبروني أنّ ما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإنّما الرّجم على امرأته. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أما والّذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله. أمّا غنمك وجاريتك فردّ عليك، وجلد ابنه مائة وغرّبه عاما، وأمر أنيسا الأسلميّ أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها» ) * «٥» .

٢٠-* (عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- قال:

انتهيت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في ظلّ الكعبة. فلمّا رآني قال: «هم الأخسرون. وربّ الكعبة» . قال: فجئت حتّى جلست. فلم أتقارّ «٦» أن قمت، فقلت: يا رسول


(١) البخاري- الفتح ٨ (٤٧٥٧) واللفظ له. مسلم (٢٧٧٠) .
(٢) البخاري- الفتح ١١ (٦٦٢٩، ٦٦٣٠) .
(٣) البخاري- الفتح ٥ (٢٤٦٩) .
(٤) هو مالك بن أنس، وهو راوي الحديث.
(٥) البخاري- الفتح ١١ (٦٦٣٣، ٦٦٣٤) واللفظ له. مسلم (١٦٩٧) ، (١٦٩٨) .
(٦) فلم أتقار: أي لم يمكنني القرار والثبات.