البصيرة على وزن فعيلة بمعنى مفعلة مأخوذة من مادّة (ب ص ر) الّتي تدلّ على العلم بالشّيء، يقال هو بصير به. قال الرّاغب: «البصر يقال للجارحة النّاظرة (أي العين) نحو قوله تعالى:
كَلَمْحِ الْبَصَرِ (النحل/ ٧٧) ، ويقال لقوّة القلب المدركة بصيرة وبصر نحو قوله تعالى: فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (ق/ ٢٢) .. وجمع البصر أبصار وجمع البصيرة بصائر قال تعالى: فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ (الأحقاف/ ٢٦) ولا يكاد يقال لجارحة بصيرة، ويقال من الأوّل (البصر) أبصرت، ومن الثّاني (البصيرة) أبصرته وبصرت به وقلّما يقال: بصرت في الحاسّة إذا لم تضمّنه رؤية القلب.. وقوله- عزّ وجلّ- أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (يوسف/ ١٠٨) أي على معرفة وتحقّق، والضّرير يقال له بصير على سبيل العكس (كذا قالوا) والأولى أنّ ذلك يقال دعاء له من قوّة بصيرة القلب لا لما قالوه، ولهذا لا يقال له مبصر ولا باصر. ويقول صاحب اللّسان: يقال: بصر به بصرا وبصارة وأبصره وتبصّره: نظر إليه هل يبصره.
قال سيبويه: بصر صار مبصرا، وأبصره إذا أخبر بالّذي وقعت عينه عليه، وحكاه اللّحيانيّ: بصر به، بكسر الصّاد: أي أبصره. وأبصرت الشّيء: رأيته، وباصره: نظر معه إلى شيء أيّهما يبصره قبل صاحبه.
وبصر بصارة: صار ذا بصيرة، وبصّره الأمر تبصيرا وتبصرة: فهّمه إيّاه. وقال الأخفش في قوله: قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ (٩٦ سورة طه) ، أي علمت ما لم يعلموا به من البصيرة، وقال اللّحيانيّ:
والبصيرة: عقيدة القلب. قال اللّيث: البصيرة اسم لما اعتقد في القلب من الدّين وتحقيق الأمر، وقيل:
البصيرة الفطنة، تقول العرب: أعمى الله بصائره أي فطنه، عن ابن الأعرابيّ، وفعل ذلك على بصيرة: أي على عمد، وعلى غير بصيرة: أي على غير يقين.
التّبصّر. التّامّل والتّعرّف، والتّبصير: التّعريف والإيضاح، ورجل بصير بالعلم: عالم به. ويقال للفراسة الصّادقة: فراسة ذات بصيرة «١» .
ومن أجل أنّ الفراسة بعض إطلاقات البصيرة وهما المقصودتان هنا فقد جئنا بتعريف الفراسة أيضا.
قال الأصمعيّ: يقال فارس بيّن الفروسة والفراسة والفروسيّة، وإذا كان فارسا بعينه ونظره فهو
(١) لسان العرب (٤/ ٦٤- ٦٦) ، ومقاييس اللغة (١/ ٢٥٣) ، ومفردات الراغب (٤٩) .