للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السّبيل ترتكب الكبيرة، فكيف إذا أخذ المال، أو جرح، أو قتل، أو فعل كبائر «١» .

[الفرق بين الفساد والظلم:]

قال الكفويّ: الفساد أعمّ من الظّلم؛ لأنّ الظّلم النّقص، فإنّ من سرق مال الغير مثلا فقد نقص حقّ الغير، أمّا الفساد فيقع على ذلك وعلى غيره كالابتداع واللهو واللّعب «٢» .

[الفرق بين الفاسد والباطل:]

وقال رحمه الله: الفاسد ما أمكن الانتفاع به رغما عن رداءته، من قولهم فسد اللّحم إذا أنتن، والباطل ما لا يمكن أن ينتفع به، من قولهم بطل اللّحم إذا دوّد وسوّس بحيث لا يمكن الانتفاع به «٣» .

[من معاني كلمة «الفساد» في القرآن الكريم:]

أحدها: المعصية. ومنه قوله تعالى في (البقرة/ ١١) : وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ

والثّاني: الهلاك، ومنه قوله تعالى في (الأنبياء/ ٢٢) : لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا.

الثّالث: الخراب، ومنه قوله تعالى في (النّمل/ ٣٤) : إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها.

الرّابع: المنكر، ومنه قوله تعالى في (هود/ ١١٦) : أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ.

الخامس: السّحر، ومنه قوله تعالى في (يونس/ ٨١) : إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ.

قال ابن القيّم رحمه الله في قوله تعالى: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها (الأعراف/ ٥٦) :

قال أكثر المفسّرين: لا تفسدوا فيها بالمعاصي، والدّعاء إلى غير طاعة الله، بعد إصلاح الله لها ببعث الرّسل، وبيان الشّريعة، والدّعاء إلى طاعة الله، فإنّ عبادة غير الله والدّعوة إلى غيره والشّرك به هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنّما هو بالشّرك به ومخالفة أمره، فالشّرك والدّعوة إلى غير الله وإقامة معبود غيره، ومطاع متّبع غير رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هو أعظم فساد في الأرض، ولا صلاح لها ولا لأهلها إلّا بأن يكون الله وحده هو المعبود المطاع، والدّعوة له لا لغيره، والطّاعة والاتّباع لرسوله ليس إلّا، وغيره إنّما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم. فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة. ومن تدبّر أحوال العالم وجد كلّ صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكلّ شرّ في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدوّ وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله، والدّعوة إلى غير الله ورسوله «٤» .

[للاستزادة: انظر صفات: الابتداع- السحر السرقة- الظلم- العصيان- القتل- الطغيان- العتو- الغدر- نقض العهد- الفتنة- البغي.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الصلاح- الاستقامة- التقوى- الطاعة- تعظيم الحرمات- تكريم الإنسان] .


(١) الزواجر (٥٦٥، ٥٦٨) ، وانظر أيضا الكبائر للذهبي (١٠٠) .
(٢) الكليات (٦٩٢) .
(٣) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.
(٤) فتح المجيد (٣٩٥) .