للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو مستحبّة فهو ضالّ مبتدع بدعة سيّئة لا بدعة حسنة باتّفاق أئمّة الدّين؛ فإنّ الله لا يعبد إلّا بما هو واجب أو مستحبّ ... وعلم أنّه لم يكن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للنّاس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصّالحين ولا يستشفعوا بهم، لا بعد مماتهم ولا في مغيبهم فلا يقول أحد: يا ملائكة الله اشفعوا لي عند الله، سلوا الله لنا أن ينصرنا أو يرزقنا أو يهدينا ... ولا يكتب أحد ورقة ويعلّقها عند القبور، ولا يكتب أحد محضرا أنّه استجار بفلان ويذهب بالمحضر إلى من يعمل بذلك المحضر» «١» .

[حكم الإقسام على الله بمخلوقاته:]

قال ابن تيميّة: «قد تبيّن أنّ قول القائل:

أسألك بكذا نوعان: فإنّ الباء قد تكون للقسم، وقد تكون للسّبب، فقد تكون قسما به على الله وقد تكون سؤالا بسببه.

فأمّا الأوّل: فالقسم بالمخلوقات لا يجوز على المخلوق فكيف على الخالق؟

وأمّا الثّاني: وهو السّؤال بالمعظّم كالسّؤال بحقّ الأنبياء، فهذا فيه نزاع وقد تقدّم ... ومن النّاس من يجوّز ذلك فنقول: قول السّائل الله تعالى أسألك بحقّ فلان، وفلان من الملائكة والأنبياء والصّالحين وغيرهم، أو بجاه فلان أو بحرمة فلان يقتضي أنّ هؤلاء لهم عند الله جاه وهذا صحيح ... ولكن ليس نفس مجرّد قدرهم وجاههم ممّا يقتضي إجابة دعائه إذا سأل الله بهم حتّى يسأل الله بذلك، بل جاههم ينفعه أيضا إذا اتّبعهم وأطاعهم فيما أمروا به عن الله أو تأسّى بهم فيما سنّوه للمؤمنين، وينفعه أيضا إذا دعوا له وشفّعوا فيه، فأمّا إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة ولا منه سبب يقتضي الإجابة لم يكن متشفّعا بجاههم ولم يكن سؤاله بجاههم نافعا له عند الله» .

ويقول في موضع آخر: ومعلوم أنّ السّؤال لله بهذه المخلوقات أو الإقسام عليه بها من أعظم البدع المنكرة في دين الإسلام، وممّا يظهر قبحه للخاصّ والعامّ «٢» .

وذلك مبنيّ عنده على ما يلي:

«اتّفق العلماء على أنّه لا يجوز لأحد أن ينذر لغير الله لا لنبيّ ولا لغير نبيّ، وأنّ هذا النّذر شرك لا يوفّى به، وكذلك الحلف بالمخلوقات لا تنعقد به اليمين، ولا كفّارة فيه حتّى لو حلف بالنّبيّ صلى الله عليه وسلّم لم تنعقد يمينه ولم يجب عليه كفّارة عند جمهور العلماء، فإذا لم يجز أن يحلف بها الرّجل ولا يقسم بها على مخلوق، فكيف يقسم بها على الخالق جلّ جلاله؟» «٣» .

[للاستزادة: انظر صفات: الضراعة والتضرع تلاوة القرآن- الشفاعة- الدعاء- الاستغاثة- الاستغفار- الابتهال.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإعراض- اتباع الهوى- الإصرار على الذنب- الغفلة- القنوط اليأس] .


(١) مجموع الفتاوى (١/ ١٥٩- ١٦١) .
(٢) المرجع السابق (١/ ٢١٣، ٢٩٠) .
(٣) المرجع السابق (١/ ٢٨٦) .